و ظاهر «عدم تنجيس شيء ممّا يلاقيه» الطهارة، كما أنّ المتبادر المركوز في أذهان المتشرّعة: أنّ التنجيس في الجملة من لوازم ماهية النجس و إن لم ينجس بعض الأشياء، كما أنّ الغسالة لا ينجس المحلّ، فإذا فرض أنّهم سمعوا أنّ هذا الماء إذا القي على مثله أو أقلّ بقي ذلك الماء على طهارته جزموا بطهارة الماء الملقى، بل لم يفهم الطهارة في غالب ما سئل عنه في الروايات إلّا من الجواب بعدم وجوب غسل ملاقيه.
و منه يظهر: أنّ القول بمحض العفو دون الطهارة جمعا بين أدلّة نجاسة الغسالة و هذه الأخبار كما ترى! بل المتعيّن تخصيص ما دلّ على انفعاله من عمومات انفعال الماء القليل [2] و رواية العيص المتقدّمة [3] بما عدا المقام، و هو أولى من تخصيص القاعدة المستفادة من تعدّي نجاسة كلّ متنجّس.
و التحقيق: أنّ هذه القاعدة ساقطة باعتبار القطع بخروج الفرد المردّد بين ماء الاستنجاء و ملاقيه عن عمومها، فتبقى أدلّة تنجّس الماء القليل و أدلّة عدم البأس بماء الاستنجاء على حالها من عدم التعارض، لأنّ التعارض بينهما فرع شمول القاعدة المذكورة لهذا الماء.
فالقول بأنّه نجس لا ينجّس ملاقيه قويّ، فنجاسة [4] الغير المنجّسة المستفادة من أدلّة انفعال الماء القليل و أدلّة عدم تنجيسه الثوب ممّا لا محيص عن الالتزام بها.
[1] الوسائل 1: 161، الباب 13 من أبواب الماء المضاف، الحديث 5.
[2] الوسائل 1: 112، الباب 8 من أبواب الماء المطلق.