و أمّا الإجماع على الطهارة دون العفو فلم يثبت، لخلوّ كلام السيّد في المصباح [1] و المفيد في المقنعة [2] و الشيخ في المبسوط [3] و الحلّي في السرائر [4] عن التصريح بالطهارة، مع أنّه لا ينفع ممّن قال بطهارة الغسالة، لأنّ الطهارة عنده على القاعدة. و الاتّفاق الملفّق من القول بكونه استثناء من نجاسة الغسالة و القول بكونه على قاعدتها من الطهارة لا يثمر الظنّ، فضلا عن الحدس القطعيّ الّذي هو المناط في تحقّق الإجماع عند المتأخّرين.
هذا، و يمكن أن يقال: إنّ الأخبار المذكورة معارضة نفسها [5] لأدلّة تنجّس القليل فتخصّصها، لأنّ النجاسة في الشرع إمّا وجوب الاجتناب عن الشيء في الصلاة و الأكل و ما الحق بهما- كما في قواعد الشهيد (قدس سره)[6]- أو صفة منتزعة عن هذه الأحكام، فإذا حكم الشارع بأنّه لا بأس بالثوب الواقع في ماء الاستنجاء، فهو كالتصريح بجواز الصلاة و الطواف فيه، و إذا لم ينجس الطعام المطبوخ به جاز أكله، فإذا لم يجب الاجتناب عنه في الصلاة و لا في الأكل لم يكن نجسا. و أمّا سائر الأحكام- كحرمة شربه و إدخاله المسجد و نحوهما- فإنّما جاء من أدلّة وجوب الاجتناب عن النجس، و المفروض عدمه. و يمكن أن يستفاد ذلك من التعليل المتقدّم في قوله (عليه السلام): «لأنّ الماء أكثر من القذر» [7] بناء على أنّ ظاهره عدم انفعال الماء