و الدليل على هذا الحكم المرسل المعمول به في فعل النبي صلى اللّه
عليه و آله بالعبيد الذين أعتقهم الأنصاري و لا يملك سواهم، فهو حكم تعبدي خاص
بمورده، و لذا لو عقد على أختين في وقت واحد يحكم ببطلان كليهما و لا يرجع الى
القرعة.
و في المسالك: و لو علم سبق أحدهما و لم يعلم عين السابق فوجهان
أحدهما انه يقرع كما لو أعتقا معا، لأن معرفة السبق من غير معرفة السابق لا ينفع
شيئا، و الثاني: انه يعتق من كل واحد نصفه، لأنا لو أقرعنا لم يؤمن خروج الرق على
السابق و للسابق حق الحرية، فيلزم منه ارقاق حر و تحرير رق.
و اعترضه في الجواهر بقوله: و هو من غرائب الكلام، ضرورة جريانه في
كثير من موارد القرعة، التي استفاضت بها النصوص المصرحة بعدم خطأها لو فوض القارع
فيها الأمر الى اللّه تعالى الذي لا يخفى عليه خافية، و لذا لم يحتمله أحد من
أصحابنا، نعم هو أحد قولي الشافعي كما حكاه الرافعي.
قلت: بل احتمال التنصيف يخالف الواقع قطعا، لانه قد أعتق أحد العبدين
بكامله، فالتنصيف مقطوع البطلان، أما مع القرعة- فبغض النظر عن جواب الجواهر- يكون
اللازم الذي ذكره محتملا.
هذا كله فيما لو كان كل منهما يساوي ثلث ما ترك الميت.
قال المحقق: (و لو اختلفت قيمتهما.)
أقول: ذكر الشهيد الثاني هذا بقوله: و يتفرع على القولين ما لو قامت البينتان كذلك
لكن لأحد العبدين سدس المال، فان قلنا بالقرعة و خرجت للعبد الخسيس عتق و عتق معه
نصف الأخر ليكمل الثلث، و ان خرجت للنفيس انحصر العتق فيه، و ان قلنا هناك يعتق من
كل واحد نصفه فهنا وجهان