و اما حكم السباق
بالحمام. فقال: «و الرهان عليها قمار».
أقول: ان الأصل في كتاب
السبق و الرماية هو قوله عليه السلام: «لا سبق إلا في نصل أو خف أو حافر» [1]. و
قد اختلفت الرواية في لفظ «سبق»، فبناء على أنه بفتح الباء- و هو بمعنى العوض
المعين لمن غلب- يدلّ الخبر على حرمة الرّهان في غير الثلاثة، فتجوز المسابقة مع
الرّهان فيها و لا تجوز فيما خرج عنها، لكن لا نهي عن «السبق» بسكون الباء بلا
رهان، و عليه فيجوز ذلك في الحمام، و بناء على أنه بسكون الباء يدل على المنع في
غير ما ذكر، و ان كان بلا رهان.
و اما بناء على عدم ثبوت
رواية الفتح، و احتمال كل الأمرين معا، لم يثبت دليل على المنع من المسابقة بلا
رهان في ما عدا الثلاثة، و كان المرجع فيه الأصل.
و المتيقن من الخبر هو
الدلالة على حرمة «السبق» بفتحها في غير الثلاثة، و هو المجمع عليه بين الأصحاب، و
تدل عليه غيره من الاخبار، فإن هذا الرهان قمار.
لكن في خبر العلاء بن
سيابة استثناء الحمام كالثلاثة، و هو الخبر الثالث من الاخبار المذكورة. و قد أجيب
عنه باحتمال ارادة «الخيل» من «الحمام» كما هو لغة أهل مكة، لكن يضعفه أنه لا يعبر
عن المسابقة بالخيل ب «اللعب» و ان كان فمجاز. مع ان لفظ «الريش» في الذيل يؤيد
كون الحمام في الصدر
______________________________
[1]
أقول: في هذا الخبر سندا و دلالة و متنا خلاف و بحث بين الأصحاب، راجع من كتبهم:
الروضة البهية 2- 13 و الكفاية 136 و الرياض 2- 41.