وكأنه هو الذي
فهمه الصيمري من الفاضل بل وغيره قال : « وفي القواعد أجاز العتق إن كانت خطأ
بشرطين ، إما دفع الدية قبل العتق أو الضمان ويرضى الولي بالضمان ، لا بدونهما ،
وهو يدل على جواز العتق في العمد والخطأ معا ، لأن مع حصول أحد الشرطين لا كلام في
صحة العتق ، لزوال تعلق الجناية برقبته ، أما مع أداء المال فظاهر ، وأما مع
الضمان فإنه مع رضا الولي ناقل للأرش من رقبة العبد إلى ذمة المولى ، فلا كلام في
جواز العتق بعد أحد هذين الشرطين ، وهذا هو المعتمد ، أما عدم جوازه في العمد لأنه
يؤدي إلى إسقاط حق المجني عليه ، لأنه مخير بين قتله وبيعه واسترقاقه ، والعتق
يمنع من البيع والاسترقاق ، وكل تصرف يمنع حق الغير فهو باطل ، وأما عدم جوازه في
الخطأ فلأن الجناية متعلقة برقبته ، ومع عدم افتكاك المولى فهو مخير بين البيع
والاسترقاق ، والعتق يمنع من ذلك ، فيكون باطلا وهو مذهب الدروس ، لأنه قال : ففي
الجاني عمدا أو خطأ قولان ، أقربهما المراعاة بالخروج من عهدة الجناية ، ولا يخرج
من عهدة الجناية إلا بأحد الشرطين ».
قلت : هو صريح في
المختار ، وإن كان دعواه ـ أن الشهيد على ذلك ـ لا تخلو من نظر ، لأنه كالصريح في
الصحة فعلا مع المراعاة المتأخرة لا السابقة ، وأما ما ذكره عن الفاضل فقد أشار
إلى عبارته في العتق ، قال : « وهل يصح عتق الجاني؟ الأقرب ذلك إن كانت خطأ وأدى
المال أو ضمنه مع رضاه وإلا فلا » بل في الإيضاح الإجماع على الصحة حينئذ ، بل هو
قد اختار ذلك فيه وفي العمد ، وهو صريح في المختار أيضا ، لكن ينبغي أن يراد
بالضمان الدخول في العهدة ولو بالصلح ونحوه على وجه تخلو رقبة العبد من الحق ، وفي
كشف اللثام هناك « الأقوى البطلان ـ مع انتفاء الشرطين ـ لتعلق حق الغير بالرقبة ،
ولأن الصيغة لا تؤثر حين الإيقاع ، فبعده أولى ، نعم إن لم تستوعب الجناية الرقبة
كان المعتق أحد الشريكين ».