وعلى كل حال فقد
بان لك مما ذكرنا أنه لو قال : لا تنقلها من هذا الحرز ضمن بالنقل كيف كان إلى
مساو أو أحرز ، لتحقق التعدي فيها حينئذ بالمخالفة ، لنهيه المقتضي عدم جواز ذلك
له إجماعا ، إلا أن يخاف تلفها فيه فيجوز له حينئذ النقل حسبة إلى المساوي والأحرز
، وإلا فالأدون كما في المسالك أو إلى حرز مثلها مطلقا كما هو الأقوى على ما عرفته
سابقا في نظيره.
وعلى كل حال يجوز
ذلك له ولو كان قد قال : لا تنقلها عن هذا المكان وإن تلفت فيه ، لعدم ثبوت هذه
السلطنة له من السلطان الحقيقي ، بل حرم عليه إضاعة المال وإتلافه في غير وجهه ،
ومن ذلك « النهي عن التبذير » ، [١] و « عن تمكين
السفهاء من الأموال التي جعلها لنا قواما » [٢].
ولكن لا يخفى عليك
عدم بقائها حينئذ في يده وديعة ، بل هي أمانة شرعية ، لعدم الاستنابة من المالك في
ذلك ، فيضمنها حينئذ بعدم الرد إلى المالك أو وليه فورا أو الاعلام ، كما أنه لا
يخفى عدم وجوب ذلك عليه ، وإنما هو جائز له.
فما في المسالك ـ من
وجوب النقل ، لأن الحفظ واجب عليه ، ولا يتم إلا بالنقل ، وللنهي عن إضاعة المال
فلا يسقط هذا الحكم بنهي المالك وإن صرح بقوله وإن تلفت ، لكن هنا لو ترك نقلها
أثم ، ولا ضمان لإسقاط المالك له عنه كما مر لا يخفى ما فيه ، بناء على أنه بناه
على بقاء حكم الوديعة ، ولذا وجب الحفظ ، ضرورة أصالة براءة الذمة منه ، مع قطع
النظر عنها ، إذ هو إن سلم فعلى المالك لا غيره ، ضرورة عدم الإذن من المالك في
ذلك ، بل الفرض نهيه.
وربما قيل : إن
وجهه دعوى كون المراد للمالك بالنهي المزبور للاستظهار في حفظه ، بزعم كون المكان
المزبور أنه أحرز ، إلا انه بان خطاؤه أو تجدد ما نافى ظنه الذي هو في الحقيقة
مقيد ببقاء ذلك المكان حرزا له.
وفيه : إن المتجه
على هذا التقدير ضمانها بعدم النقل ، مع الخوف للتفريط