فرق بين أن يكون
الحج عنه مع رجاء الزوال وعدمه ، وما ذاك إلا للأمر الأول الذي لم يقم مقامه الأمر
الثاني ، لعدم وجوبه ، وإلا لاقتضى الاجزاء كما هو مقرر في الأصول ، إلا أن يكون
هناك دليل على خلافه ، فيرجع البحث حينئذ إلى أن الحج يجب بالبدن والمال ، فان
تعذر الأول وجب في المال خاصة ، فإن تمكن منه بعد ذلك ببدنه وجب ، لعدم إسقاط الواجب
في المال الواجب في البدن لكن لم نعرف ما يدل على ذلك ، بل هي دعوى مجردة عن
الدليل ، بل الدليل يقضي بخلافها ، وجميع ذلك شاهد عند التأمل على الندب الذي قد
اعترفوا به في غير المأيوس ، وأنكر الدليل عليه في الحدائق ، وقال : « ليس إلا هذه
النصوص الظاهرة في الوجوب مطلقا » قلت : يمكن أن يكون دليله ما دل [١] على استحباب
النيابة في الحج للصحيح والمريض وغيرهما ، ولا إشكال من هذه الجهة بناء على ما
قلناه من الاستحباب مطلقا ، فيكون متأكدا في خصوص موضوع المسألة.
لكن ومع ذلك كله
فالاحتياط لا ينبغي تركه ، وعليه لو لم يجد الممنوع مالا لم يجب عليه الاستنابة
قطعا ، ولو بذل له لم يجب عليه قبوله ، للأصل السالم عن المعارض بعد حرمة القياس
على الصحيح ، وكذا لو وجد المال ولم يجد من يستأجره ، فإنه يسقط فرضه إلى العام
المقبل ، ولو وجد من يستأجره بأكثر من أجرة المثل وجب مع المكنة على الأقوى ، ولا
يلحق بحج الإسلام في وجوب النيابة حج النذر والإفساد ، للأصل السالم عن المعارض ،
خلافا للدروس فجعلهما كحج الإسلام في ذلك ، بل أقوى ، وهو مشكل ، وعليه فلو اجتمع
على الممنوع حجتان جاز له استنابة اثنين في عام واحد ، لعدم الترتيب بينهما كما في
قضاء الصوم
[١] الوسائل ـ الباب
ـ ١ ـ من أبواب النيابة في الحج.