فالظاهر أنه إذا
نوى ولم يقصد الانفراد ولا الجماعة يحصل له الثواب لو حصلت له الجماعة ، بل ولو لم
يشعر به ، بل في الذكرى والمسالك وغيرهما احتماله أيضا من غير تعقيب بجزم بالعدم ،
لكن فيما إذا لم يعلم حتى انتهت صلاته نظرا إلى كرمه وإحسانه لأنه لم يقع منه
إهمال ، وإلى استبعاد حصول الثواب للمأمومين بسببه وحرمانه ، وإلى ما ورد من تزايد
ثواب الجماعة بتزايد المأمومين ولو مع عدم اطلاع الامام ولا أحدهم ، وإلى احتمال
استحقاقه الثواب باستيهاله للإمامة.
لكن الجميع كما
ترى غير صالح لمعارضة ما دل على انحصار الأعمال في النيات ، وأنها هي روح الأعمال
وقوامها ، واحتمال الفرق بين حالة العلم وعدمه ـ فلا يحصل الثواب في الأول إلا
بالنية بخلاف الثاني كما هو قضية ما سمعته من الشهيدين وغيرهما ـ لا شاهد له سوى
حسن الظن بالله ، فإنه عند ظن عبده به الحسن ، كاحتمال جعل الشارع ذلك من الأسباب
المترتب عليها الثواب وإن لم يقصدها المكلف كما سمعته من مجمع البرهان ، واحتمله
أولا في الذكرى ثم جزم بعدمه ، فإنه لا شاهد عليه أيضا عدا دعوى إطلاق ما دل على
ترتب الثواب على حصول وصف الإمامة المتحقق بمجرد نية المأموم الائتمام ، ولذا يجري
عليه جميع الأحكام من الشك والمتابعة وغيرهما ، لكن من المعلوم تنزيل هذه
الإطلاقات على ما ورد في بيان توقف الأعمال على النيات كما يومي اليه خلو كثير من
أخبار العبادات عن التعرض لخصوص النية فيها ، وما ذاك إلا للاتكال عليها وصيرورتها
من جملة أصول المذهب المستغنية عن التكرير والإعادة في كل شيء ، فدعوى ترتب
الثواب على حصول وصف الإمامة وإن لم يكن قصده الامام ممنوعة كل المنع ، ولا تلازم
بين صيرورته إماما بالنسبة إلى انعقاد الجماعة وجريان أحكامها وبين حصول الثواب
الذي هو أمر آخر متوقف على القصد والنية ، لا أقل من الشك في خروجه عن تلك