به، و ينتقل إلى الموقوف عليه، لأنّه يملك التصرف، و قبض منافعه، و هذا هو فائدة الملك.
و تعلّق المخالف بالمنع من بيعه، لا يدل على انتفاء الملك، لأن الراهن ممنوع من بيع المرهون و إن كان مالكا، و السيّد ممنوع من بيع أم الولد- في حال عندنا، و عندهم في كل حال- و هو مالك لها، على أنّه يجوز عندنا بيع الوقف للموقوف عليه، إذا صار بحيث لا يجدي نفعا، و خيف خرابه، و كانت بأربابه حاجة شديدة دعتهم الضرورة إلى بيعه، لأن غرض الواقف انتفاع الموقوف عليه، فإذا لم تبق له منفعة إلّا من الوجه الذي ذكرناه جاز.
و يتّبع في الوقف ما شرطه الواقف من ترتيب الأعلى على الأدنى أو اشتراكهما، أو تفضيل في المنافع، أو مساواة فيها إلى غير ذلك بلا خلاف.
و إذا وقف على أولاده، و أولاد أولاده دخل فيهم أولاد البنات [1]، و يشتركون فيه مع أولاد البنين و به قال الشافعي. و قال أصحاب أبي حنيفة: لا يدخل أولاد البنات فيه.
لنا إجماع المسلمين على أن عيسى (عليه السلام) من ولد آدم و هو ولد بنته، و قوله (عليه السلام): الحسن و الحسين ابناي هما إمامان قاما أو قعدا، و أبوهما خير منهما و قوله: لا تزرموا [2] ابني حين بال في حجره الحسين، وهما ابنا بنته و أمّا استشهادهم بقول الشاعر:
بنونا بنو أبنائنا و بناتنا * * * بنوهنّ أبناء الرجال الأباعد
فإنه مخالف لقول النبي (عليه السلام) و إجماع الأمّة، و المعقول، فوجب ردّه، على أنّه إنما أراد الشاعر بذلك الانتساب، لأن أولاد البنت لا ينتسبون إلى أمهم و إنما و ينتسبون إلى أبيهم و كلامنا في غير الأنساب [3].
و إذا وقف على نسله أو على عقبه أو ذريّته، فهذا حكمه بدليل قوله تعالى وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ دٰاوُدَ وَ سُلَيْمٰانَ إلى قوله [135/ ب] وَ عِيسىٰ وَ إِلْيٰاسَ[4] فجعل عيسى من ذرّيته، و هو ينسب إليه من جهة الأمّ.
و إن وقف على عترته فهم ذرّيته، و قد نصّ على ذلك ثعلب و ابن الأعرابي [5] من أهل
[5] أبو عبد اللّه، محمّد بن زياد الكوفي، كان أحد العالمين باللغة المشهورين بمعرفتها، أخذ عن أبي معاوية الضرير، و الكسائي، و أخذ عنه إبراهيم الحربي و ثعلب، و ابن السكيت و غيرهم ولد في رجب سنة (150) و توفّى سنة (231) بسرّ من رأى. وفيات الأعيان: 4/ 306 رقم 633.