لنا أنّ ذلك هو الأصل من حيث كان تصرّفا فيما لا يملك على الانفراد، و من ادّعى جواز ذلك فعليه الدليل، و قوله (عليه السلام): لا يحلّ مال امرئ مسلم إلّا بطيب نفس منه، و هذا الحائط بينهما فلا يجوز لأحدهما التصرّف فيه إلّا بإذن شريكه و طيب نفسه [1].
و متى أذن لشريكه في الحائط في وضع خشبة عليه، فوضعه ثمّ انهدم أو قلع، لم يكن له أن يعيده إلّا بإذن مجدّد، و هو أحد قولي الشافعي، و مالك. و القول الثاني أنّه يجوز له ذلك [2].
لنا أن الأصل أنّه لا يجوز له ذلك إلّا بالإذن، و الإذن، في الأول ليس إذنا في الثاني [3].
و إذا تنازع اثنان في دابّة، أحدهما راكبها و الآخر آخذ بلجامها، و فقدت البيّنة، فهي بينهما نصفين [4]، و به قال أبو إسحاق المروزي. و قال باقي الفقهاء و أبو حنيفة: يحكم بذلك للراكب [5].
لنا أنّه لا دليل على وجوب الحكم بها للراكب و تقديمه على الأخذ، فمن ادّعى ذلك فعليه الدليل.
و من ادّعى على غيره مالا مجهولا، فأقرّ له به، و صالحه على مال معلوم [116/ أ] صحّ الصلح وفاقا لأبي حنيفة و خلافا للشافعي فإنّه قال: لا يصحّ.
لنا قوله تعالى وَ الصُّلْحُ خَيْرٌ[6] و لم يفرّق و قال (عليه السلام): الصلح جائز بين المسلمين إلّا ما أحلّ حراما أو حرم حلالا [7].
إذا تنازعا في جدار بين ملكيهما، و هو غير متّصل ببناء أحدهما، و لأحدهما عليه جذوع فإنّه لا يحكم لمن الجذع له وفاقا للشافعي، و قال أبو حنيفة: يحكم لصاحب الجذوع إذا كان أكثر من واحد، فإذا كان واحدا لا يقدّم به، بلا خلاف.
لنا قوله (عليه السلام): البيّنة للمدّعي و اليمين على من أنكر، و لم يفرّق، و أيضا فإنّ وضع الجذع يجوز أن يكون عارية، فان في الناس من أوجب ذلك و هو مالك فإنه قال يجبر على ذلك لقوله (عليه السلام): لا يمنعنّ أحد جاره أن يضع خشبة على جداره [8].