لنا ما رووه من أمره (عليه السلام) حين أراد تجهيز بعض الجيوش بأن يبتاع له البعير بالبعيرين و بالإبرة إلى خروج المصدّق. [1]
و لا يجوز لمن أسلم في شيء بيعه من المسلم إليه و لا من غيره قبل حلول أجله- و قد دخل في ذلك الشركة و التولية له لأنّهما بيع- فإذا حلّ أجله جاز بيعه من المسلم إليه بمثل ما نقد فيه و بأكثر منه من غير جنسه و من غير المسلم إليه بمثل ذلك و أكثر منه من جنسه و غيره، لظاهر القرآن و دلالة الأصل، إلّا أن يكون المسلم فيه طعاما فإن بيعه لا يجوز قبل قبضه إجماعا [2].
و إذا أسلف فلا يجوز أن يشرك فيه غيره، و لا أن يوليه، و الشركة أن يقول له رجل:
شاركني في نصفه بنصف الثمن، و التولية أن يقول: ولّني جميعه بجميع الثمن، أو نصفه بنصفه، و ذلك لا يجوز وفاقا لهما و خلافا لمالك.
لنا أنّ جواز ذلك يحتاج إلى دليل و لا دليل على أنّهما بيع كما قلنا، و قد قال (عليه السلام): من ابتاع طعاما فلا يبعه حتى يستوفيه، و أنّه نهي عن بيع ما لم يقبض و روى أبو سعيد الخدري [3] أنّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) قال: من أسلم في شيء فلا يصرفه إلى غيره [4] و أما بيع المسلم من المسلم إليه بعد حلول أجله، فقد قال بعض أصحابنا: أنّه يجوز بمثل ما باعه، أو أكثر أو أقل إذا عيّن الثمن و قبضه قبل التفرق من المجلس سواء كان الثمن من جنس الأول، أو من غير جنسه و هو اختيار الشيخ المفيد في مقنعته [5] و اختاره ابن إدريس في سرائره و قال هو الصحيح [6].
و إذا جيء بالمسلم فيه قبل محلّه لم يلزم المشتري قبوله و لا يجر عليه [7]، و قال الشافعي:
يجبر عليه، إن لم يكن له غرض سوى براءة الذمّة، و ان كان له أي للممتنع غرض بان كان زمان نهب أو غارة لا يجبر عليه.
لنا أنّه لا يمتنع أن يكون له في تأخيره غرض لا يظهر لغيره و أن إجباره على ذلك مطلقا يحتاج إلى دليل [8].
[3] اسمه سعد بن مالك الأنصاري، روى عن: النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله)، و عن أسيد بن حضير، و جابر بن عبد اللّه، و روى عنه: إبراهيم النخعي، و إسماعيل بن أبي إدريس و غيرهما مات بالمدينة سنة (74). تهذيب الكمال: 10/ 294 رقم 2224.