الذهب بالذهب و لا الورق بالورق إلّا سواء بسواء و لم يفصل، و أما قول ابن عباس و من وافقه من الصحابة بجواز التفاضل نقدا فقد انقرض و حصل الإجماع على خلافه [1].
فإن اختلف الجنس و كان أحدهما ذهبا و الآخر فضّة سقط اعتبار التماثل بلا خلاف، و أمّا اعتبار الحلول و التقابض فهو الأحوط و يصح البيع و بدونهما و إن كان مكروها لقوله (عليه السلام):
فإن اختلف الجنسان فبيعوا كيف شئتم، و قد روى أصحابنا أنّه إذا اتفق كل واحد من العوضين في الجنس، و أضيف إلى أحدهما ما ليس من جنسه، سقط اعتبار التماثل في المقدار، مثل بيع دينار و درهم بدينارين و ألف درهم و ثوب بألفين، يدل على صحّته ظاهر القرآن وَ أَحَلَّ اللّٰهُ الْبَيْعَ[2] [99/ أ] و دلالة الأصل.
و اللحمان أجناس مختلفة، فلحم الإبل جنس مفرد عرابها و بخاتيها، و لحم البقر كذلك عرابها و جواميسها، و لحم الغنم صنف واحد ضأنها و ما عزها، و لحم البقر الوحشي صنف غير الأهلي، و كذا لحم الغنم الوحشي مثل الظبي و كذلك لأنّ كلّ جنس منها منفرد باسم و حكم في الزكاة [3].
و السمك كلّ ما يختص باسم فهو جنس يخالف الجنس الآخر و على قول الشافعي الذي يقوله أنها جنس واحد، اختلف قول أصحابه في السمك، فنص الشافعي على أنّه من جنس سائر اللحوم، و قال أبو علي الطبري [4]: من قال انّ اللحمان جنس واحد استثنى الحيتان منها، لأنّ لها اسما أخص من اللّحم و هو السمك، فيكون الحيتان على هذا القول جنسا واحدا و هو اختيار أبي حامد الاسفرايني [5] في التعليق [6].
و يجوز بيع لحم مطبوخ بعضه ببعض، و بيع الشواء بالمطبوخ و بيع المطبوخ بالمشوي و النيء و عند الشافعي كلّ ذلك لا يجوز لنا دلالة الأصل و ظاهر الآية. [7]
بيع اللحم صنف منه بعضه ببعض جائز مثلا بمثل، سواء كان رطبا أو يابسا.
[4] اسمه الحسن بن القاسم، الفقيه الشافعي، أخذ الفقه عن أبي علي ابن أبي هريرة، سكن ببغداد و درّس بها و توفّى سنة (305). وفيات الأعيان: 2/ 76 رقم 160.
[5] أحمد بن أبي طاهر، الفقيه الشافعي، أخذ عن أبي الحسن بن المرزبان، و أبي القاسم الداركي، ولد سنة (344) و توفّى ببغداد سنة (406) و دفن في داره. وفيات الأعيان: 1/ 72 رقم 26.