و في هذا حكاية رواها محمد بن سليمان الذهلي [1] قال: حدّثنا عبد الوارث بن سعيد [2] قال: دخلت مكّة فوجدت بها ثلاثة فقهاء كوفيين، أبو حنيفة و ابن أبي ليلى و ابن شبرمة.
فصرت إلى أبي حنيفة فقلت: ما تقول فيمن باع بيعها و شرط شرطا؟ قال: البيع فاسد، و الشرط فاسد.
فأتيت ابن أبي ليلى، فقلت له ما تقول فيمن باع بيعا و شرط شرطا فقال: البيع جائز، و الشرط باطل.
فأتيت ابن شبرمة، و سألته عنه فقال البيع جائز و الشرط جائز.
قال: فرجعت إلى أبي حنيفة فقلت: إن صاحبيك خالفاك في البيع؟ فقال لست أدري ما قالا، حدّثني عمرو بن شعيب [3]، عن أبيه، عن جدّه أن النبي (عليه السلام) نهى عن بيع و شرط.
ثم أتيت ابن أبي ليلى فقلت: إن صاحبيك خالفاك في البيع؟ فقال: ما أدري ما قالا، حدثني هشام بن عروة [4] عن أبيه عن عائشة قالت: لمّا اشتريت بريرة جاريتي شرطت على مواليها أن أجعل ولائها لهم إذا أعتقتها، فجاء النبيّ (عليه السلام) فقال: الولاء لمن أعتق، فأجاز البيع و أفسد الشرط.
فأتيت ابن شبرمة فقلت: ان صاحبيك خالفاك في البيع فقال: لا أدري ما قالا، حدّثني مسعر [5]، عن محارب [6]، عن جابر بن عبد اللّه قال: ابتاع النبيّ (عليه السلام) بعيرا بمكّة شرطت عليه أن يحملني على ظهره إلى المدينة فأجاز (عليه السلام) الشرط و البيع [7] و من الشروط ما هو فاسد بلا
[1] لم يعرف له ترجمة إلّا ما ذكر في تاريخ بغداد في ترجمة عبد اللّه بن أيوب بن زاذان أنّه روى عن محمّد بن سليمان الذهلي. و قال: مات عبد اللّه بن أيوب بن زاذان سنة (292).
[2] عبد الوارث بن سعيد بن ذكوان التميمي العنبري مولاهم التنوري أبو عبيدة البصري أحد الأعلام، روى عن عبد العزيز بن صهيب، و شعيب بن الحبحاب و أبي التياح. مات سنة (79). تهذيب التهذيب: 6/ 391 رقم 826.
[3] عمرو بن شعيب بن محمّد القرشي السهمي، أبو إبراهيم مات سنة (118) بالطائف. تهذيب الكمال: 22/ 63 رقم 4384.
[4] هشام بن عروة ابن الزبير بن العوام القرشي أبو المنذر، المدني روى عنه: أبان بن يزيد العطّار، و إبراهيم بن حميد بن عبد الرحمن الرواسيّ و غيرهم، مات سنة (147). تهذيب الكمال: 3/ 232 رقم 6585.
[5] مسعر بن كدام بن ظهير بن عبيدة، أبو سلمة الهلالي الكوفي، توفّى في رجب سنة (155). طبقات ابن سعد: 6/ 364- 365.
[6] محارب بن دثار بن كردوس بن قرواش السدوسي الكوفي أبو دثار، ولي قضاء الكوفة في امرة خالد بن عبد اللّه القسري، و حدّث عن ابن عمر و جابر توفّى سنة (116). تهذيب التهذيب: 10/ 45 رقم 80.