خلاف غير مفسد للعقد، و فيه خلاف، نحو أن يشترط ما يخالف مقتضى العقد مثل أن لا يقبض المبيع و لا ينتفع به، أو يشترط ما يخالف الكتاب و السنّة نحو أن يشترط البائع العبد أن يكون ولاؤه له إذا أعتق [1]، فعندنا أن العقد صحيح و الشرط فاسد خلافا لأبي حنيفة و الشافعي [2].
لنا ما قدّمناه من إجماع الإماميّة [94/ أ] و ظاهر الآية و دلالة الأصل، و ما روي من خبر بريرة [3] أن مولاتها شرطت على عائشة حين اشترتها أن يكون ولاؤها لها إذا أعتقتها، فأجاز النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) البيع و أفسد الشرط و قال: الولاء لمن أعتق و قد ذكرناه.
و أعلم أنّه نهى النبيّ (صلّى اللّه عليه و آله) عن سوم المراء على سوم أخيه، و هو أن يزيد على المشتري قبل العقد و بعد استقرار الثمن و الإنعام بالبيع، و نهى عن البيع على بيعه، و هو أن يعرض على المشتري مثل ما اشتراه بعد العقد و قبل لزومه، و نهي عن النجش في البيع، و هو أن يزيد في الثمن من لا رغبة له في الشراء ليخدع المشتري، [4] فيشتريه صحّ البيع فيه و فيما تقدّم و لكن للمشتري الخيار لأنّه تدليس و عيب، و لأصحاب الشافعي فيه قولان، و لو قلنا لا خيار له لكان قويا لان العيب ما يكون بالمبيع، و هذا ليس كذلك، كذا في الخلاف لأبي جعفر. [5]
و نهى أن يبيع حاضر، لباد، و هو أن يصير سمسارا له [6] سواء كان بالناس حاجة إلى ما معهم، أو لم يكن بهم حاجة لظاهر قوله (عليه السلام): لا يبيعنّ حاضر لباد فإن خالف أثم لمنعه أن يبيعه بنفسه حتى يكون للناس منه رزق و ربح. [7]
و نهي عن تلقّى الركبان للشراء منهم فإن تلقّى و اشترى كان البائع بالخيار إذا ورد السوق إلّا أن ذلك عندنا محدود بأربعة فراسخ فان زاد على ذلك كان جلبا و لم يكن به بأس و للشافعي فيه قولان: أحدهما: لا يجوز، و لم يحدّه، و الثاني: ليس له الخيار [8].
لنا قوله (صلّى اللّه عليه و آله): فإن تلقّي متلق فصاحب السلعة بالخيار إذا ورد السوق [9] و كلّ هذه المناهي لا يدل على فساد العقد.
[2] الوجيز: 1/ 137. الهداية في شرح البداية: 2/ 48.
[3] مولاة عائشة كانت مولاة أناس من الأنصار، فكاتبوها ثمّ باعوها من عائشة فأعتقها، و كان اسم زوجها مغيثا، و كان مولى فخيرها رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) فاختارت فراقه. أسد الغابة: 6/ 39 رقم 6770.