روي من قوله (عليه السلام) للذي سمعه يلبّي عن شبرمة [1] يقول لبيّك عن شبرمة: و يحك من شبرمة؟
فقال أخ لي، أو صديق، فقال النبي (صلّى اللّه عليه و آله): حجّ عن نفسك، ثم عن شبرمة.
و روى ابن عباس ان امرأة من خثعم سألت النبي (صلّى اللّه عليه و آله) فقالت: إن فريضة اللّه في الحج أدركت أبي شيخا كبيرا لا يستطيع أن يستمسك على راحلة، فهل ترى أن أحجّ عنه؟ فقال النبي (صلّى اللّه عليه و آله): نعم. فقالت: يا رسول اللّه فهل ينفعه ذلك. قال: نعم أما لو كان عليه دين فقضيته نفعه. و هذا دليل صريح على جواز النيابة [2].
و يستحق الأجير جميع الأجرة بأداء الحج، بلا خلاف ممّن أجاز الاستئجار، و كذا حكمه إن مات بعد الإحرام و دخول الحرم [3].
فإما إذا مات أو حصر قبل الإحرام، لا يستحق شيئا من الأجرة. لأن الإجارة انّما وقعت على أفعال الحج، و هذا لم يفعل منها شيئا فوجب أن لا يستحق الأجرة، و عليه جمهور أصحاب الشافعي.
و أفتى الإصطخري و الصيرفي [4] بأنّه يستحق من الأجرة بقدر ما عمل، قال الشيخ في الخلاف: إن قلنا بما قالا كان قويا لأنّه كما استؤجر في أفعال الحج استؤجر على قطع المسافة فيجب أن يستحق الأجرة بحسبه [5].
و يسقط الحج عن المحجوج خلافا لأبي حنيفة [6] كما ذكرنا قبل، لنا بعد إجماع الإمامية خبر الخثعميّة لأنّ ظاهره يقتضي أنّه يسقط بالنيابة كما يسقط الدين.
و متى صدّ النائب عن النفوذ قبل دخول الحرم وجب أن يردّ ما بقي عليه من نفقة الطريق [7].
و أما إذا مات أو حصر بعد الإحرام سقطت عنه عهدة الحج، و لا يلزم ردّ شيء من الأجرة. و قال أصحاب الشافعي: إن كان بعد الفراغ من الأركان، كأنّه تحلل بالطواف و لم يقو
[1] شبرمة: غير منسوب له صحبة، توفّى في حياة رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله). أسد الغابة: 2/ 350 رقم 2376.
[4] اسمه محمّد بن عبد اللّه الشافعي المعروف بالصيرفي، الفقيه الشافعي البغدادي، سمع الحديث من أحمد بن منصور الرمادي. و الفقيه عن أبي العبّاس بن سريج، روى عنه: القاضي أبو الحسن علي بن محمّد. توفّى سنة (330). الأنساب باب الصاد و الياء، وفيات الأعيان: 4/ 199 رقم 574.