خلافا للشافعي فإنّه قال: الاعتكاف عبارة عن اللّبث في المسجد ساعة مع الكفّ عن الجماع [2] و أبي حنيفة فإنّه قال: أقلّه يوم و ليلة [3] و ذلك لأنّ الصوم عنده شرط الاعتكاف و ليس عند الشافعي شرطا، لنا طريقة الاحتياط و اليقين لبراءة الذمّة لمن وجب عليه الاعتكاف بنذر أو عهد و ليس كذلك إذا لم يكن ثلاثة أيّام «و تعلّقهم بظاهر قوله تعالى:
وَ أَنْتُمْ عٰاكِفُونَ فِي الْمَسٰاجِدِ و أنّه يتناول ما نقص عن ثلاثة أيّام، لا يصحّ، لأنّا قد بينّا أنّ الاعتكاف إمّا أن يكون لفظه شرعيّا أو لغويّا له شروط شرعيّة، فلا بدّ من الرّجوع إلى الشّرع، إمّا في الاسم أو في الشروط، فعليهم أن يدلّوا أنّ ما نقص عن الثلاثة يتناوله في الشرع هذا الاسم، و تكمل له الشروط الشرعية حتى تتناول الآية له.
و ملازمة المسجد شرط في صحّة الاعتكاف بلا خلاف إلّا لعذر ضروريّ من إرادة بول، أو غائط، أو إزالة حدث الاحتلام، أو أداء فرض تعيّن من شهادة أو غيرها، و يجوز أن يخرج لعيادة مريض» [4] أو زيارة الوالدين و الصلاة على الأموات خلافا للشافعي و أكثر الفقهاء فإنّه قال: إن فعل ذلك بطل اعتكافه [5].
و في الوجيز: لا بأس بعيادة المريض في الطريق من غير تعريج، و لا بأس بصلاة الجنازة من غير ازورار عن الطريق [6]، لنا ما ورد من الأخبار في الحثّ على ذلك لأنّه على عمومه، و لا يخرج منه إلّا ما أخرجه دليل قاطع و لا دليل عليه.
من خرج لإقامة الشهادة و لم يتعيّن عليه إقامتها لم يبطل اعتكافه، خلافا للشافعي فإنّه قال: يبطل، لنا أن الأصل جواز ذلك و المنع يحتاج إلى دليل [7]، و إن تعيّن عليه الأداء فعليه أن يخرج و يقيم الشهادة، و لا يبطل [62/ ب] اعتكافه.
و للشافعي فيه قولان [8] و لا يجوز لمن خرج بعذر أن يجلس تحت سقف مختارا حتى