و أما اذا جعل الاستثناء متصلا كان تقدير
المستثنى منه" بسبب من الأسباب"، أى لا تأكلوا أموالكم بينكم بسبب من
الأسباب المملكة عندكم الا بسبب التجارة عن تراض .. دل على الحصر، و كان"
الباطل" قيدا توضيحيا و كأنه تعليل للنهي عن ما عدا التجارة عن تراض. و يلزم
عليه تخصيص المستثنى منه، لإنفاذ الشارع جملة من الأسباب غيرها.
هذا، و الظاهر ان المراد من" الباطل" هو الباطل الشرعي، و
جملة الاستثناء لا تفيد الحصر حتى يلزم التخصيص، فلو احتمل اذن الشارع في الرجوع
في المعاطاة جاز له التصرف في المال بعده بما جاز له التصرف فيه قبلها، لان معنى
الاذن في الرجوع هو جعل المعاطاة كالعدم.
و بالجملة يتوقف الاستدلال بالآية على دلالتها على الحصر، أو دلالتها
على حرمة أكل المال بالأسباب الباطلة عند أهل العرف:
فأما الوجه الأول فان الشيخ" قده" و ان تمسك به هنا قد
نفاه في مبحث بيع الفضولي، و ذكر أن الاستثناء منقطع و لا يفيد الحصر، و جعله
مثل" لأشي من الغنم بحرام الا الأرنب"، فانه استثناء منقطع و لا يفيد
عدم حرمة ما عدا الأرنب من الحيوانات. نعم الحكم في المستثنى منه عام، فليس شيء
من الغنم بحرام، و ليس شيء من الأكل بالباطل بحلال.
و لا فرق في عدم الدلالة على الحصر بين أن يكون" الباطل"