اسم الکتاب : المهذب البارع في شرح المختصر النافع المؤلف : ابن فهد الحلي الجزء : 4 صفحة : 330
..........
قلت: معناه ان الناس لهم حالتان، حالة حيات و حالة وفاة، و علم الفرائض لمّا كان
مختصا بحالة الوفاة كان نصف العلم.
فان قلت:
فعلى هذا لو كان علم الفرائض نصف العلم كما ذكرتم، لثبت ذلك في الوصايا، لتعلق
أحكامها لما بعد الموت، و كذلك الغسل و التكفين و الدفن.
فالجواب من
وجوه:
(أ) ان
الوصايا ليست لازمة لكل متوف، فكم ذي مال مات و لم يوص.
(ب) انها
متعلقة بفعل العبد، و قد يوصي و قد يترك، و ليس كذلك الميراث فإنه لا صنع للعبد
فيه، فكان ألزم بالوفاة و أخصّ بها من الوصية.
(ج) ان احكام
الوصية لا يختص بما بعد الموت، فان إيجاب الوصية، و الرجوع عنها، و حكم زيادة
الموصى به و هلاكه، و اعتبار أهلية الوصي الى غير ذلك من الاحكام انما يعتبر قبل
الموت، بخلاف الميراث.
(د) ان
الوصية مذكورة في علم الفرائض أيضا، حيث يجب البدءة بها قبل الميراث و يؤخر عن
الدين، فلم يخل علم الفرائض عن ذكرها جملة، و ان خلا عن ذكرها تفصيلا، حتى ان بعض
الفرضيين جعل بابا للوصايا في كتاب الميراث.
و من هذا
الجواب الأخير يعلم الجواب عن فصل الغسل و التكفين و التجهيز إذا كان علم الفرائض
مفتتحا بذكره، و هو الحق الذي يبدأ به من تركة الميت قبل قسمة الميراث، فكان من
مقدمة المواريث، فيندرج تحت علم الفرائض. و انما انفصلت عنها في البحث؟ لأنها
احكام يجب على الاحياء مباشرتها، و هم المخاطبون بها، و الميت محل اثر الفعل
المأمور به، فكان لاحقا بقسم احكام الاحياء، و لهذا المعنى ذكرها الفقهاء في كتاب
الطهارة.
و وجه آخر:
و هو ان التنصيف باعتبار انقسام مؤون الإنسان في حالتي حياته و موته الى قسمين، و
احكام المواريث بعد الموت، فكانت احد القسمين، فكان
اسم الکتاب : المهذب البارع في شرح المختصر النافع المؤلف : ابن فهد الحلي الجزء : 4 صفحة : 330