وفيه : أنّ دعوى الانسباق والانصراف وإن لم تكن بعيدة بالنسبة إلى النصوص المشتملة على التحديد بالبعدية إلاّ أنّ هناك نصوصاً اُخر مطلقة من هذه الجهة ، جعل العبرة فيها بالبيتوتة كصحيحة زرارة قال : "قال أبوجعفر (عليه السلام) : من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فلا يبيتنّ إلا بوتر"[1] بعد تفسير الوتر بالوتيرة في النصوص الاُخر ، فانه لا سبيل لدعوى الانصراف في هذه الأخبار كما هو واضح ، ومقتضى إطلاقها هو القول بالامتداد كما عليه المشهور .
نعم ، لا يبعد القول بانتهاء الوقت بانتصاف الليل وإن بنينا على امتداد وقت الفريضة إلى الطلوع و[يدل على] ذلك :
أوّلاً : التعبير بالبيتوتة في هذه الأخبار ، حيث إن المتعارف بين عامة الناس المنام[2] قبل انتصاف الليل ، ومن البيّن أنّ استحباب البيتوتة بالوتر منزّل على ما هو الغالب المتعارف من الاتيان قبل هذا الوقت ، فلو ترك ونام قبل الانتصاف ثم استيقظ بعده فقد صدق أنه بات بغير وتر .
وثانياً : النصوص الواردة في المبيت بمنى في ليالي التشريق المتضمنة لتحديده بمنتصف الليل ، حيث يستفاد منها أن هذا هو حد البيتوتة[3] من غير اختصاص بمورد دون مورد . إذن فلابد من الاتيان بالوتيرة قبل الانتصاف كي لا يصدق أنه بات من غير وتر .
ــــــــــــــــــــــــــــ
[2] لا دخل للمنام في صدق البيتوتة ، فان معناها الكون في الليل وإن لم ينم أصلاً . قال في أقرب الموارد [1 : 69] بات في المكان نزل وقضى الليل فيه ، وفي موضع آخر : أدركه الليل نام أم لم ينم قال ومن قال بات فلان إذا نام فقد أخطأ .
[3] لكن صحيحة معاوية بن عمار صريحة في التعبير عما بعد النصف بالبيتوتة قال (عليه السلام) : " . . . وإن خرجت بعد نصف الليل فلا يضرّك أن تبيت في غير منى" الوسائل 14 : 251 / أبواب العود إلى منى ب 1 ح 1 . ومنه يظهر سعة الاطلاق وعدم التحديد بالنصف في صدق المفهوم وإن كان بعض الأحكام مختصاً به