اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 6 صفحة : 3
و روى المشايخ الثلاثة في الصحيح عن معاوية بن وهب [1]«انه سأل أبا عبد الله (عليه السلام) عن أفضل ما يتقرب به العباد الى ربهم؟ فقال ما أعلم شيئا بعد المعرفة أفضل من الصلاة».
بيان: في هذا الخبر الشريف فوائد يحسن التنبيه عليها و التعرض إليها لأن كتابنا هذا كما يبحث عن الأحكام الفقهية يبحث ايضا عن تحقيق معاني الأخبار المعصومية:
(الفائدة الأولى)
- يحتمل ان يكون المراد بالمعرفة في الخبر معرفة الله عز و جل و يحتمل الحمل على معرفة الإمام (عليه السلام) فان هذا المعنى مما شاع في الاخبار كما تكاثر في أخبارهم من إطلاق العارف على ما قابل المخالف. و يحتمل الأعم منهما بل و من سائر المعارف الدينية و الأصول اليقينية و الأول يستلزم الأخيرين غالبا،
و في كتاب الفقه الرضوي [2]«و اعلم ان أفضل الفرائض بعد معرفة الله عز و جل الصلوات الخمس».
و هو ظاهر في تأييد المعنى الأول، و المراد بالصلوات هي اليومية و الإشارة بهذه انما هو إليها لأنها الفرد المتعارف المتكرر المنساق الى الذهن عند الإطلاق، و في العدول إلى الإشارة عن التسمية تنبيه على مزيد التعظيم و تمييز بذلك لهذا الفرد أكمل تمييز كما قرر في محله من علم المعاني.
[الفائدة] (الثانية)
- ظاهر الخبر يقتضي نفي أفضلية غير الصلاة عليها و المطلوب ثبوت أفضليتها على غيرها و أحدهما غير الآخر فان نفى وجود الأفضل منها لا يمنع المساواة و معها لا يتم المطلوب، قال شيخنا البهائي زاده الله بهاء و شرفا في كتاب الحبل المتين:
ما قصده (عليه السلام) من أفضلية الصلاة على غيرها من الأعمال و ان لم يدل عليه منطوق الكلام إلا ان المفهوم منه بحسب العرف ذلك كما يفهم من قولنا ليس بين أهل البلد أفضل من زيد أفضليته عليهم و ان كان منطوقه نفى أفضليتهم عليه و هو لا يمنع المساواة. انتهى. أقول: و يؤيده ان السؤال في الخبر عن أفضلية ما يتقرب به العبد