اسم الکتاب : الحدائق الناضرة في أحكام العترة الطاهرة المؤلف : البحراني، الشيخ يوسف الجزء : 25 صفحة : 78
(صلى الله عليه و آله و سلم): إذا وقع الولد في بطن امه- إلى أن قال:- و جعل الله تعالى رزقه في ثدي امه أحدهما شرابه و في الآخر طعامه» الخبر.
الحادي عشر [حكم ما لو ادعى الأب وجود متبرعة و أنكرت الأم]
قال في الشرائع [1]: لو ادعى الأب وجود متبرعة و أنكرت الأم فالقول قول الأب، لأنه قد يدفع عن نفسه وجوب الأجرة. على تردد. قال في المسالك [2]: منشأ التردد من كون الام منكرة لما يدعيه من وجود المتبرعة، و الأصل عدمه، فيكون القول قولها لأنه المدعي، و لأن الحق ثابت لها و هو يدعي إسقاطه بوجود المتبرعة، و الأصل عدم سقوطه إلى أن يثبت، و مما ذكره المصنف من أن الأم تدعي شغل ذمة الأب بالأجرة و هو ينفي ذلك عن نفسه، و الأصل براءة ذمته منها، و لأنه يعسر عليه إقامة البينة على ما يقوله فيصدق بيمينه و هو قول الشيخ في المبسوط و هو الأشهر، انتهى.
أقول: الظاهر أن الأنسب بقواعدهم و الأقرب إلى ضوابطهم هو ما قرره الشارح أولا، فإن مقتضى صورة النزاع التي فرضوها هو أن الأب ادعى وجود متبرعة و الام أنكرت، فالأب هو المدعي و الام هي المنكرة، فيجب العمل بمقتضى القاعدة المنصوصة فيهما كما في كل مدع و منكر، و قضية ذلك أن القول قول الام بيمينها، و أما جعل الام مدعية- لأنها تدعي شغل ذمة الأب بالأجرة، و هو منكر لأنه ينفي بذلك عن نفسه- و ليس هو صورة الدعوى التي فرضوها، و إنما ذلك من لوازمها على أنه لا معنى لدعوى الام شغل ذمة الأب بالأجرة قبل الرضاع، لأن هذا النزاع إنما وقع في أول الأمر قبل دفع الولد إليها، و قبل تعيين الأجرة بأمره، و مرجعه إنما هو إلى دعوى شغل الذمة لو أرضعت بعد دفع الولد إليها.
و بالجملة فإن عد الام مدعية و الأب منكرا بهذا التقريب الذي ذكروه
[1] شرائع الإسلام ص 566 الطبعة الثالثة سنة 1403 ه، و فيه «لانه يدفع».