و هكذا في سائر ما يتعلق بالميت، فان الخطاب بإيقاع ذلك الفعل انما توجه إلى الولي خاصة، اما بان يوقعه بنفسه أو يأذن لغيره. و أين هذا من الوجوب الكفائي، الذي يدعونه؟! و بذلك يظهر: ان فائدة الولاية هو اختصاص الفعل به، بان يغسله و يصلى عليه و يكفنه و نحو ذلك، أو يأذن لغيره في هذه الأمور.
و حينئذ فلو فرضنا ان الغير امتنع من امتثال أمر الولي إلا بالأجرة جاز له ذلك، لانه غير مخاطب بهذه الأمور، و لا مكلف بها حتى يحرم عليه أخذ الأجرة كما ادعوه.
نعم لو سلمنا صحة ما ادعوه من الوجوب الكفائي، صح ما رتبوه عليه من تحريم أخذ الأجرة.
ثم ان مقتضى تخصيص الأصحاب الحكم بالواجب من هذه الأمور، جواز أخذ الأجرة على المستحب، مثل زيادة الحفر على ما يستر ريحه عن الشياع، و يكن جثته عن السباع، بمقدار الترقوة، و نقله الى المشاهد المشرفة، و تثليث الغسلات في التغسيل، و وضوء الميت على تقدير القول باستحبابه، و تكفينه بالقطع المندوبة و نحو ذلك.
و قيل بالمنع. نقله في المسالك عن بعض الأصحاب، محتجا بإطلاق النهى! و أنت خبير بانا لم نقف على نهى في هذا الباب، و لا ذكره أحد من الأصحاب، بل ذكر المحقق الأردبيلي في شرح الإرشاد ايضا، انه لم يقف عليه، قال- بعد نقل القول المذكور-: و وجهه غير ظاهر، و لعله انها عبادة و هي تنافي الأجرة و منعه ظاهر، الا ترى جواز أخذ الأجرة على الحج و سائر العبادات بالإجماع و الأدلة. قيل: لإطلاق النهى، و ما رأيت النهى. انتهى.