و لو قيل: بأنّ مثل هذا العقد منافٍ لحقيقة المعاوضة و المبادلة، فإنّ الخارج عن ملكه المثمن هو المالك، و الداخلَ في ملكه الثمن العاقدُ، قيل عليه: إنّ العاقد و إن لم يكن مالكاً حال العقد، إلّا أنّ هذا لا يوجب خروج الإنشاء عن المعاوضة الحقيقيّة، فإنّ المفروض إنشاء العاقد الخروج عن ملكه و الدخول في ملكه، و هذا لا يستلزم كونه مالكاً حينئذٍ، فالمعاوضة الإنشائيّة متحقّقة فعلًا و إن لم يترتّب عليها الأثر إلّا بعد تحقّق الملكيّة.
إن قلت: كيف يحصل الجدّ من المنشئ العاقد لنفسه، مع عدم كونه مالكاً حينئذٍ؟
قلت: كيف يحصل الجدّ من الفضولي لنفسه أو لمالكه، مع أنّه لا يعلم بحصول الأثر؛ لاحتمال عدم تحقّق الإجازة؟! بل كيف يحصل الجدّ من الموجب بإدخال الثمن في ملكه مع أنّه بيد القابل؟! و قد أجبنا عن هذا الإشكال: بأنّ عدم الجزم بالتأثير لا يوجب عدم الجدّ بالإنشاء، و يحصل الجدّ بالإنشاء مع رجاء وجود سائر شرائط التأثير، كما في الموجب و الفضولي، و المقام أيضاً كذلك [1].
إن قلت: إنّ البيع تبادل الإضافتين، و هذا لا يمكن إلّا مع الملكيّة السابقة.
قلت: قد مرّ فساد ذلك [2]، و أنّ تبادل الإضافتين نتيجة البيع لا نفسه، و لا يعتبر فيه أزيد من إنشاء التبادل؛ من دون حاجة إلى وجود إضافة واقعيّة قبله.
و الحاصل: أنّ الإشكال من جهة عدم ملكيّة من وقع له العقد، مندفع: بأنّ الملكيّة السابقة غير دخيلة في مفهوم العقد، فإنّ الجدّ حاصل، و لا يعتبر أزيد من هذا الربط الخاصّ في المفهوم بنظر العقلاء، و أيضاً إنّها غير دخيلة في صحّته، فإنّ احتمالها مدفوع بالإطلاقات.