و قد ذكر في اعتبار الماضويّة: أنّ وجه اعتبارها صراحة الفعل الماضي في إنشاء العناوين به، بخلاف المضارع و الأمر و اسم الفاعل و غيره.
و الفرق: إنّ الماضي وضع للتحقّق و الثبوت، و لذا يستلزم المضيّ، بخلاف اسم الفاعل، فإنّه وضع لتلبّس الفاعل بالمبدإ، و هذا ملازم للتحقّق، فاستعماله و قصد الإنشاء به دائر مدار القول بصحّة الإنشاء بالكنايات.
و بالجملة: الفعل المضارع مع اسم الفاعل متّحدان في المعنى و إن كان بينهما ترتّب في النسبة، فإنّ المضارع وضع لنسبة الفعل إلى الفاعل، و بعد تحقّق هذه النسبة يتّصف الفاعل بأنّه ممّن صدر عنه الفعل، و لذا يقال: «ضرب يضرب فهو ضارب»، و كما لا يصحّ إنشاء العناوين باسم الفاعل، فكذا لا يصحّ بالفعل المضارع، نعم في خصوص لفظ «طالق» دلّ الدليل على وقوع الإيقاع به [1].
و ممّا ذكرنا: ظهر حال الأمر أيضاً، فإنّه وضع لإلقاء نسبة المادّة إلى الفاعل، فقوله: «زوّجني نفسك» لا يفيد إلّا طلب الإنشاء، فحكمه حكم المضارع، فكما أنّه أشبه بالوعد كذلك هو أشبه بالمقاولة.
و أمّا الروايات المتوهّمة دلالتها على كفاية الفعل المضارع أو الأمر في أبواب شراء العبد الآبق [2] و بيع المصحف [3] و التزويج [4] فتوجب القطع بأنّ الفعل
[1] انظر وسائل الشيعة 15: 295، كتاب الطلاق، أبواب مقدّماته و شرائطه، الباب 16.
[2] وسائل الشيعة 12: 262، كتاب التجارة، أبواب عقد البيع و شروطه، الباب 11.
[3] وسائل الشيعة 12: 114 115، كتاب التجارة، أبواب ما يكتسب به، الباب 31، الحديث 1 و 2 و 3 و 6.
[4] انظر وسائل الشيعة 14: 194، كتاب النكاح، أبواب عقد النكاح، الباب 1.