و أمّا الإباحة الشرعيّة فأيضاً غير متحقّقة في المقام؛ لأنّ غاية ما دلّ عليه الإجماع هو حصول الإباحة؛ أي جواز التصرّف، و أمّا عدم اشتغال الذمّة و كونها فارغة، فلم يدلّ عليه الإجماع، فإطلاق دليل اليد يقتضي الضمان؛ لعدم وجود الأمانة المالكيّة و لا الشرعيّة.
فالنتيجة: أنّه مع قطع النظر عن التقريبات السابقة، يمكن تقريب الجواز بدليل الضمان؛ بأن يقال: إنّ إطلاقه يقتضي الضمان مطلقاً، و هو موضوع لوجوب الأداء، لكن فرض الإجماع على عدم الوجوب قبل التلف و بعده قبل الرجوع، و أمّا بعد الرجوع فلا إجماع عليه، و الإطلاق يقتضي الضمان و كون الذمّة مشتغلة بمال الغير، فلا بدّ من ردّه إلى صاحبه؛ لقيام الدليل عليه و عدم ما يوجب تقييده، و هذا ملازم للجواز و تأثير الرجوع.
و قد ظهر بما ذكرنا: أنّه لا تصل النوبة إلى أصالة عدم الضمان، فضلًا عن معارضة أصالة بقاء السلطنة بها.
كلام الشيخ في ضمان التالف و مناقشته
و قد ذكر الشيخ (رحمه اللَّه): أنّه يمكن أن يقال: إنّ أصالة بقاء السلطنة حاكمة على أصالة عدم الضمان بالمثل أو القيمة [1]، لكن بناء على جريان الأصل الثاني لا وجه لحكومة الأوّل عليه، فإنّه ليس أحدهما مسبّباً عن الآخر، فضلًا عن كونه شرعيّاً، بل كلٌّ من السلطنة و عدم الضمان ثابتان بدليلهما غير مرتبط أحدهما بالآخر. نعم، نعلم إجمالًا ببقاء السلطنة أو الضمان، لكن هذا لا يوجب السببيّة، كما لا يخفى.
ثمّ ذكر الشيخ (رحمه اللَّه): أنّ ضمان التالف ببدله معلوم، إلّا أنّ الكلام في أنّ البدل هل هو البدل الحقيقيّ أعني المثل أو القيمة أو البدل الجعليّ؛ أعني العين