responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : البيع المؤلف : القديري، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 107

ثابت» على‌ ذلك، وضعت الهيئة للدلالة عليه، و نسمّيه بالدلالة التصديقيّة، فهنا نسبة و طرفاها و التصديق بثبوتها لهما، و لكلٍّ منها دالّ، و ليس في البين حمل إلّا بالتأويل و الاستمداد من الكون الرابط، و في مثل «زيد موجود» أو «اللَّه موجود أو عالم» الواقع ليس إلّا الاتّحاد بين العنوانين المنتزعين أو المدركين، فلو أُريد من ذلك «زيد له الوجود»، أو «اللَّه جلّ جلاله له الوجود، أو العلم»، فهي خلاف الواقع، و خلاف ما كان المتكلّم بصدد بيانه، مع أنّه يلزم من الأوّل زيادة الوجود عن الماهيّة و أصالتها كالوجود، و من الثاني أن يكون البارئ جلّ اسمه معروضاً لعوارض قد برهن فساد كلٍّ منها في محلّه‌ [1]، و هكذا الحال في الحمل الأوّليّ الذاتيّ، كحمل الحدّ على المحدود، و ما كان كذلك من الحمل الشائع، كحمل الذاتيّات على الشي‌ء.

و أمّا في موارد الهليّات المركّبة ك «زيد قائم»، فالأمر أيضاً كذلك و إن لم يلزم منه تلك الاستحالات، فإنّ الواقع هو الاتّحاد، لا الربط بين الموضوع و المحمول، و المتكلّم في مقام بيان هذا الاتّحاد و الهوهويّة. فلو أُخذت النسبة بينهما في الملفوظة تكون خلاف الواقع، ففي هذا القسم من الحمل الذي هو الحمل الحقيقيّ موضوع و محمول، و لكلٍّ منهما دالّ، و الهيئة دالّة على‌ الهوهويّة التصديقيّة، و في مثل «زيد القائم» الهيئة دالّة على‌ الهوهويّة التصوّريّة [2].


[1] شرح المنظومة (قسم الحكمة): 5 و 154.

[2] أقول تتميماً لما استفدته ممّا أفاده مدّ ظلّه: إنّ الهيئة غير دالّة إلّا على التصديق بمفاد الجملة، و هي مشتركة بين جميع ما أُفيد من القضايا، و يعبّر عنها ب «است» بالفارسيّة، كما أنّها موجودة في القضايا السالبة أيضاً، مع أنّه لا هوهويّة فيها. و أمّا الاتّحاد و الهوهويّة فيفهم من مقام الحمل الموجود في «زيد القائم» أيضاً فهنا دوالّ أربعة: زيد و القائم و الحمل و الهيئة، و هذا بخلاف القسم الأوّل، فإنّ الحمل غير موجود هناك، بل الموجود فيه الربط و النسبة.

فتحصّل: أنّ في القسم الأوّل منسوباً و منسوباً إليه و النسبة و التصديق بها، و في القسم الثاني محمولًا و موضوعاً و الحمل و التصديق به، و لذا كان الأنسب تسمية القضايا في القسم الأوّل بالقضايا النسبيّة، و في القسم الثاني بالقضايا الحمليّة.

و لو قيل: بأنّ الحمل أيضاً قسم من النسبة و هي النسبة الاتّحاديّة، فإنّها تدلّ على اتّحاد العنوانين المتغايرين بحسب المفهوم خارجاً لم يكن به بأس، و الجهات في القضايا الموجّهة ك «زيد كاتب بالإمكان» راجعة إلى هذا المعنى‌ من النسبة؛ و الشكّ و الظنّ و القطع متعلّقة بها أيضاً. و لعلّ القوم أيضاً أرادوا ب «النسبة» ذلك، فيصبح النزاع لفظيّاً.

و على‌ أيّ تقدير لا بدّ من التفصيل المذكور الذي أفاده دام ظلّه، فإنّ القسم الأوّل ممّا أفاد لا حمل فيه إلّا مؤوّلًا، و الأمر ظاهر.

و هنا نكتة لا بأس بالتنبّه إليها: و هي أنّ المحكيّ بالقضيّة ليس هو الخارج أو الواقع، فإنّه قد لا يكون للقضيّة واقع أصلًا، بل في نفس القضيّة يحكم بعدم الواقع، كالقضايا السالبة و الموجبة المعدولة المحمول، بل المحكيّ بها هي المفاهيم، فمحكيّ «زيد» مفهومه، كما أنّ محكيّ «شريك الباري» أيضاً مفهومه، لا أُريد من المفهوم الوجود الذهنيّ، بل أُريد منه ما هو منسلخ عنه قابل للانطباق عليه، الذي قد يعبّرون عنه بالماهيّة، و لذا يقال: إنّ الألفاظ موضوعة للمفاهيم، و الوجود الخارجيّ أو الذهنيّ غير دخيلين في الموضوع له، ف «زيد قائم» قضيّة مركّبة ممّا دلّ على مفهوم «زيد»، و هو الموضوع، و ما دلّ على‌ مفهوم «القائم»، و هو المحمول، و ممّا دلّ على اتّحادهما، و هو الحمل، و ما دلّ على التصديق بالحمل، و هي الهيئة.

و أمّا خصوصيّة الخارجيّة فتفهم من المقام؛ بمعنى أنّه مع إمكان تطبيق أجزاء القضيّة على الخارج، و وجود المصداق لها خارجاً العقلاء يفهمون من القضيّة الاتّحاد الخارجيّ، و إلّا فلا يفهمون منها إلّا مجرّد المفهوم.

و قد ظهر: أنّ معنى‌ قضيّة «شريك الباري ممتنع» مثلًا اتّحاد مفهوم «شريك الباري» و «الممتنع»، و بهذا أيضاً يمكن تصوير النسبة الاتّحادية، فإنّ المفهومين المحكيّين متغايران، فليتدبّر. المقرّر حفظه اللَّه..

 

اسم الکتاب : البيع المؤلف : القديري، الشيخ محمد حسن    الجزء : 1  صفحة : 107
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست