وأما الثاني : وهو ما يستفاد من أخبار الباب [1] ، وهي ما ورد في القصار والصباغ والنجار وما أوردوه في باب الديات في الطبيب والبيطار والختان من تضمين الجماعة المذكورين فيما جنته أيديهم [2] ، وفي جملة منها اعطاء الضابط بقولهم عليهم السلام : " كل عامل أعطيته أجرا على أن يصلح فأفسد فهو ضامن " [3] وهو موافق لما قدمناه من اقتضاء قاعدة الاتلاف ، وذلك لأن قصارة الثوب بفركه ودلكه المعتاد اصلاح للثوب وبفركه ودلكه الشديد ولو خطأ افساد له حيث إنه يخرقه ، وأما الثوب العتيق الذي لا يحتمل الفرك والدلك العادي فهو متمحض في الافساد وليس مجمعا للاصلاح والافساد ، فهو خارج عن مدلول هذه الكلية . وقد عرفت أن مقتضى القاعدة عدم الضمان ، لأنه اتلاف مأذون فيه ، وليس لهذه الأخبار الواردة في جناية الصانع في صنعته معارض ، نعم الأخبار فيما يتلف تحت أيديهم من الأعيان التي هي موارد للأعمال المستأجر عليها مختلفة ، وهي مسألة أخرى سيجئ البحث عنها إن شاء الله تعالى . المسألة السابعة : قال " رحمه الله " في الشرايع : أما لو تلف في يد الصانع لا بسببه من غير تفريط ولا تعد لم يضمن . . الخ [4] . والكلام فيه تارة في مقتضى القاعدة وأخرى في مقتضيات أخبار المسألة : أما الأول : فقد مر أن العين التي هي مورد عمل الأجير أمانة بالمعنى الأعم أي سلطه مالكها عليها برضاه ، بل هو أولى بذلك من العين المستأجرة ، حيث إن التسليط على العين المستأجرة مما لا بد منه مقدمة لاستيفاء المنفعة ، ومع اللابدية لا يمكن استكشاف الرضا بعد العقد ، ولذا التجأنا إلى دعوى أن اقدامه على الإجارة
[1] الوسائل : ج 13 ، باب 29 من أبواب أحكام الإجارة ، ص 271 . [2] الوسائل : ج 19 ، باب 24 من أبواب موجبات الضمان ، ص 194 . [3] الوسائل : ج 13 ، باب 29 من أبواب أحكام الإجارة ، ح 11 ، ص 275 . [4] شرايع الإسلام : كتاب الإجارة المسألة الخامسة .