وفي قواعد العلامة " رحمه الله " يجوز استيجار الدار لتعمل مسجدا يصلى فيه [1] ، وإنما تعرضوا له بالخصوص ردا على أبي حنيفة ، حيث منع عنه بدعوى أن فعل الصلاة لا يجوز استحقاقه بعقد إجارة بحال ، فلا تجوز الإجارة لذلك . أقول : الاستيجار تارة لأن يبني في الأرض مسجدا ، فما يستحقه بالإجارة فعل البناء وإيجاده فيها ، والصلاة غاية لا أنه مملوك بعقد الإجارة حتى يرد اعتراض أبي حنيفة ، وأخرى لأن يصلي فيها الناس كما هو ظاهر الفرع ، ويتعين فيه كلام العلامة " رحمه الله " من استيجار الدار كذلك ، وعليه فالأرض أو الدار وإن كانت مورد الإجارة كما في إجارة الأعيان دائما إلا أن المملوك بعقد الإجارة هي المنفعة ، وما يتصور منها ليس إلا فعل الصلاة من الناس ، وحينئذ فلازمه استحقاق فعل صلاة الناس فيه كما ذكره أبو حنيفة ، وهذا غير مبني على ما نسب إليه من عدم صحة النيابة والاستيجار لها ولو من الأموات كما عن بعض الأعلام " رحمه الله " في المقام ، فإن المستأجر يملك النيابة عنه في الصلاة دون استحقاق فعل صلاة الناس لأنفسهم التي أمرها بيدهم ، كما لا يقاس بالاستيجار لخياطة ثوب زيد ، فإن الخياطة مملوكة للمستأجر من المؤجر وزيد أجنبي عنه لا يملك شيئا بخلاف ما نحن فيه ، إذ لا مملوك بالإجارة إلا فعل صلاة الناس لأنفسهم مع أن أمرها بأيديهم . وهذا الاشكال بناء على ما اخترناه في حقيقة المنفعة وأنها حيثية للعين موجودة بوجودها على حد وجود المقبول بوجود القابل مندفع من أصله ، فإن حيثية الدار مسكنيتها وقبولها لذا المبدأ وهي المملوكة دون سكنى زيد أي ما هو عرض من أعراضه فكذا هنا ، فإن الأرض أو الدار لهما هذه الحيثية وهي كونها مصلى لأحد ، فاستيجار الأرض ليستحق به هذه الحيثية في قبال سائر الحيثيات لا يلزم منه استحقاق فعل الصلاة من الناس . وأما على مسلك المشهور على ما يتراءى منهم من أن سكنى الساكن هي منفعة