و وجوب السجود على اليدين يستلزم وجوبه على البواقي؛ لعدم
القائل بالفصل.
و لا ينافي ذلك ما رواه
الشيخ في الاستبصار عن هارون بن خارجة، قال: رأيت أبا عبد اللَّه عليه السلام و
هو ساجد و قد رفع قدميه من الأرض و إحدى قدميه على الاخرى؛[1] لما ذكره قدس سره من أنّه يجوز أن
يكون عليه السلام إنّما فعل ذلك لضرورة دعته إليه دون حال الاختيار.
و حكى في المنتهى[2] عن أبي حنيفة
أنّه احتجّ على ما ذهب إليه بقوله عليه السلام: «سجد وجهي»،[3] و قال: لو ساواه غيره لما خصّه
بالذكر، و بأن وضع الجبهة على الأرض يسمّى سجوداً بخلاف غيره، فينصرف الأمر المطلق
إليه، و بأنّه لو وجب غيره لوجب كشفه، كما وجب كشف الجبهة.
و أجاب عن الأوّل بأن
التخصيص الذكري لا ينفي ما عداه، لا سيما إذا كان لذلك التخصيص فائدة ظاهرة كإظهار
كثرة الخشوع، ثمّ قال: و العجب أنّ أبا حنيفة لم يجوّز العمل بالمفهوم، و قد عمل
به هنا، و هل هذا إلّا مناقضة.
و عن الثاني بأن وضع
الجبهة على الأرض كما سمّي سجوداً سُمّي وضع باقي الأعضاء أيضاً سجوداً، كما في
قوله عليه السلام: «سجد عظمي و لحمي و ما أقلّته قدماي».[4] و عن الثالث بمنع الملازمة. و قياس
باقي المساجد على الوجه قياس مع الفارق، فإنّ الجبهة هي الأصل في السجود دون
غيرها.
و اختلفوا في القدر
المعتبر من الجبهة في الوضع فالأكثر على كفاية المسمّى منها، و هو ظاهر حسنة
زرارة،[5] و ما رواه
الشيخ عن زرارة، عن أبي جعفر عليه السلام، قال: سألته عن
[1]. الاستبصار، ج 1، ص 329، ح 1233. و رواه أيضاً
في تهذيب الأحكام، ج 2، ص 301، ح 1214. وسائل الشيعة، ج 6، ص 344، ح 8137.
[3]. مسند الشافعي، ص 40؛ مسند أحمد، ج 1، ص 95 و
102؛ صحيح مسلم، ج 2، ص 185؛ سنن ابن ماجة، ج 1، ص 335، ح 1054؛ سنن أبي داود، ج
1، ص 176- 177، ح 760؛ سنن الترمذي، ج 5، ص 149- 150، ح 3481؛ السنن الكبرى
للبيهقي، ج 2، ص 32.