و كون ضرب الخراج و تقبيل الأرضين و أخذه و صرفه موكولا إلى نظره(عليه السلام) لا يقتضي تحريمه حال الغيبة لبقاء لقاء الحقّ و وجود المستحق، مع تظافر الأخبار عن الأئمة الأطهار(عليهم السلام) و تطابق كلام أجلّة الأصحاب و متقدّمي السلف و متأخريهم بالترخيص لشيعة أهل البيت (عليهم السلام)- في تناول ذلك حال الغيبة بأمر الجائر.
فإذا انضمّ إلى هذا كله أمر من له النيابة حال الغيبة، كان حقيقا باندفاع الأوهام و اضمحلال الشكوك.
و لنا في الدلالة على ما قلناه مسلكان:
الأوّل: في الأخبار الواردة عن أهل البيت(عليهم السلام) في ذلك، و هي كثيرة:
فمنها: ما رواه الشيخ(رحمه اللّه) عن أبي بكر الحضرمي قال:
«دخلت على أبي عبد اللّه(عليه السلام) و عنده إسماعيل ابنه، فقال: ما يمنع ابن أبي سماك أن يخرج شباب الشيعة فيكفونه ما يكفيه الناس و يعطيهم ما يعطي الناس؟ قال ثم قال لي: لم تركت عطاءك؟ قال: قلت: مخافة على ديني.
قال: ما متع ابن أبي سماك أن يبعث إليك بعطائك، أما علم أن لك في بيت المال نصيبا؟ [1].
قلت: هذا الخبر نصّ في الباب، فإنّه(عليه السلام) بيّن للسائل- حيث قال:
إنّه ترك أخذ العطاء للخوف على دينه- أنّه لا خوف عليه، فإنّه إنّما يأخذ حقّه، حيث إنّه يستحقّ في بيت المال نصيبا.
و قد تقرّر في الأصول تعدّي الحكم بالعلّة المنصوصة.
و منها: ما رواه أيضا في الصحيح عن عبد الرحمن الحجّاج قال: