المقصد الثاني في الظن قد عرفت أن الشيخ (قدس اللّه أسراره) قسم المكلف الى قاطع و ظان و شاك [1] و قد مرّ هناك أن الأولى أن يعبّر بالعلم دون القطع و الكلام هنا إنّما هو في الظن فنقول من باب المقدمة أن الحجية ذاتية للقطع كما سبق في محله فلا تناله يد الجعل لا اثباتا و لا نفيا و إلّا لزم الدور و التسلسل و التناقض.
و أما الشك فجعل الحجية له غير معقول ضرورة تساوي نسبته الى طرفيه و جعل الحجية بالنسبة الى طرفيه تناقض و الى طرف واحد ترجيح بلا مرجح.
و أما الظن فهو باعتبار أنّه رجحان أحد الطرفين فليس حاله حال القطع من كون الحجية ذاتية له و لا مثل الشك في امتناع جعلها له و مع ذلك فقد قسم الشيخ أمر الظن الى قسمين أحدهما امكان التعبد به و عدمه و قد نسب الى بعض امتناعه [2] و سيجيء الكلام فيه و ثانيهما انّه بعد فرض الامكان فهل هو واقع شرعا أم لا؟
و لا بدّ أولا من بيان معنى الحجة و شرح حقيقتها ثم النظر في المقصود. فنقول:
إنّ الحجة عبارة عن الواسطة في الاثبات و المراد هو الثبوت الذهني لا الخارجي الذي بمعنى الايجاد اذ لو كان المقصود هو الايجاد الخارجي للزم اختصاصه باللمى و لما صح التعميم بينه و بين الإنّي فإنّ العلة هي الواسطة في الايجاد لا المعلول