اسم الکتاب : يوم الخلاص في ظل القائم المهدي عليه السلام المؤلف : كامل سليمان الجزء : 1 صفحة : 358
و من منّا لا يجول في ذهنه هذا الاستفهام: نحن من أين أتينا؟. و لماذا كنّا؟. و إلى أين نصير؟!. أهي حياة غايتها الأكل و الشرب و اللّهو، و تمثيل دور تافه على مسرح حرّ من مسارح الحياة، ثم يتعاقب ليل و نهار يؤدّيان بالمرء إلى الموت فالعدم.. فالنسيان؟!!
لا، بل إن العقل المستنير-القائم على الإيمان بالحقائق-لا يقبل هذا، و لا يقتنع بأنه (خلق عبثا) !. فينبغي له أن لا يتمرّد على سنن الطبيعة، و أن يعيد النظر في سلوكه، و يتأمّل في الغاية من وجوده، و يقدّر لمصيره و مصير مجتمعه خيرا مما هو عليه، كيلا يكون مساهما في دفع الإنسانية نحو هاوية ليس لها قرار، بعد أن عرف أن (الطبيعة) أبت أن تسكت عمّن يتنكّر لسننها، و علّمتنا أنها تنتقم ممن يدنّس نواميسها!. فكيف بمن يدنّس نواميس السماء؟!!
و ليكن معلوما أننا في زمان نحن موعودون به، و منتظرون لحلوله.. و قد حلّ بكل ما يواكبه من ترف رخيص!!!.
و العيب الأكبر هو أن نرتضي كوننا أهل ذلك الزمان الذي تلازمه ظواهر طبيعية ستدكّ الأرض و تطبّق السماء.. ثم نهيّء لهذه الظواهر بملء اختيارنا، و ببذل جميع طاقاتنا، تماما كمن يرى أتون النار الملتهب و يرمي نفسه فيه!!!
أجل إنه لزمان منتظر تناول وصفه نبيّنا و أوصياؤه عليهم السّلام حين كانوا يغرسون الإنسانية المثلى في نفوس أفراد الأمّة الإسلامية، و حين كانوا يؤثّلون العقيدة في قلوبهم، و يؤصّلونهم على الإيمان الذي يكفل سعادة الإنسان في الدارين..
فاستمع إلى وصفهم، و اعجب من دقّة تصويرهم لما نحن عليه في الصفحات التالية المثقلة بالعلم اللّدنيّ و بالحقائق الغريبة التي حكوا عنها منذئذ!.
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم:
-لا يأتي عليكم زمان إلاّ الذي بعده شرّ منه [1] !.
(و إذا استقرأنا الأزمنة التي مرّت على المسلمين منذ عهده الكريم حتى اليوم،