العناصر، اختلطوا بالسكان الأصليين و ساهموا في الحياة الاقتصادية في هذه المدن مما أدى إلى ضعف التمييز الاجتماعي الذي كان قائما على العنصر، و أصبحت الثروة من الأسس الرئيسة التي تحدد مركز الشخص الاجتماعي، كما أصبحت هذه المدن مراكز للعلم و الثقافة، فقد ظهر فيها عدد من العلماء و القراء و المحدثين و الفقهاء و الأدباء و الشعراء.
و إضافة إلى ما تقدم فإن هذه المدن كانت قد لعبت دورا هاما بسبب وجود مراكز القوى السياسية فيها و من ورائهم المقاتلة، القوة الضاربة و الفعالة في الأحداث. و من هذا المنطلق فإن التاريخ العربي هو في حقيقته تاريخ المدن [1].
و من جانبنا فقد بحثنا إحدى هذه المدن و هي مدينة واسط في مرحلة الماجستير و كان بحثنا آنذاك محاولة لدراسة الأحوال و التطورات الإدارية و الاقتصادية في هذه المدينة منذ إنشائها سنة 81 ه/ 700 م حتى نهاية الحكم الأموي سنة 132 ه/ 749 م. و من خلال دراستنا لها و اطّلاعنا على أخبارها تأكد لنا أن الحياة في هذه المدينة كانت قد تطورت و تبدلت من جرّاء تبدل الأحوال السياسية، و الاجتماعية و الاقتصادية للدولة العربية الإسلامية في الفترة ما بين 324 ه- 656 ه/ 953- 1258 م، فقد حدث بواسط و منطقتها في هذه الفترة تطورات خطيرة، فالتقسيمات الإدارية للعراق كانت قد ألغيت في القرن الرابع الهجري/ العاشر الميلادي، و حلت محلها تقسيمات إدارية جديدة أعارت أهمية كبيرة للمراكز الحضارية العربية الإسلامية، فأصبحت واسط إحدى ولايات العراق، و قد احتفظت بأهميتها الإدارية طيلة هذه الفترة، حيث كانت تشرف على إدارة منطقة واسعة تضم عددا من المدن و القرى. و قد ساعد موقعها الجغرافي على المشاركة الفعالة في معظم الأحداث السياسية المهمة التي حدثت في
[1] انظر: صالح أحمد العلي: التنظيمات الاجتماعية و الاقتصادية في البصرة: 17.