و الكوفة و بغداد آنذاك و لكن- يبدو- أن الظروف التي كانت تمرّ بها مدينة واسط في تلك الفترة حالت دون شهرتهم فظلوا من الشعراء المغمورين، فالخلفاء العباسيون كانوا ينظرون إلى أهل واسط نظرة شك و ارتياب باعتبارهم من شيعة بني أمية، فأدى ذلك إلى عدم استطاعة شعراء هذه المدينة من الذهاب إلى بغداد و الاتصال بالخلفاء و الوزراء و كبار الموظفين و مدحهم كما فعل شعراء الكوفة [1] و البصرة [2]، أو ربما هم الذين لم يحاولوا الاتصال بالسلطة المركزية ببغداد لتعصبهم للأمويين [3]، فأغفل رواة الأدب العربي ذكرهم في مؤلفاتهم فلم تصل إلينا أخبارهم و نتاجاتهم الفنية، لأن مؤرخي الأدب العربي كانوا يهتمون عادة بتدوين شعر الشعراء الذين كانوا على اتصال بالخلفاء و الوزراء و كبار الموظفين ببغداد.
أما في فترة دراستنا فقد برز بواسط عدد من الشعراء منهم: أبو طاهر عبد العزيز بن حامد بن الخضر الواسطي المعروف بسيدوك (ت 363 ه/ 973 م) [4] و أبو عبد اللّه الجامدي [5] و أبو الفرج محمد بن الحسين التمار الواسطي [6] و أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار الواسطي (ت 409 ه/ 1018 م) [7] و أبو نصر منصور بن محمد بن علي الخباز
[3] يظهر أن التشيع للأمويين ظل قائما بواسط حتى القرن الرابع الهجري. انظر: ابن الجوزي، أخبار الحمقى و المغفلين، 218. المقدسي، أحسن التقاسيم، 126.
[4] انظر في ترجمته: التنوخي، نشوار المحاضرة، 8/ 175. الثعالبي، يتيمة الدهر، 2/ 372. الكتبي، فوات الوفيات، 1/ 576. الفرج بعد الشدة، 2/ 460. و يسميه ابن النديم «أبو طاهر سندوك بن حبيبة» و يذكر أنه كان له ديوان شعر بخمسمائة ورقة، الفهرست، 168.