و جاء في المصادر أن قسما من هؤلاء أقام بواسط و سكنوا بدرب خاص بهم سمي «درب الصاغة» كان يقع في الجانب الغربي من المدينة [1]، و أن بعضهم دخل في الإسلام. و اشتهر منهم بيت أطلق عليه اسم «بيت المندائي» و كان قد ساهم في الحياة العلمية بواسط [2]، إلا أنه ليست لدينا معلومات عن تعدادهم و أحوالهم في هذه المدينة.
و مع أن صابئة واسط كانوا قد هاجروا من مدينة حران و سكنوا هذه المنطقة كما ذكرنا إلا أنهم كانوا- على ما يبدو- يختلفون عن صابئة حران و ذلك لأن صابئة حران فرقة و ثنية كانت تعبد الكواكب [3]، و قد اتخذ هؤلاء الصابئة أسماء لهم بعد مجيء الإسلام ليضمنوا لأنفسهم الأمان الذي منحه الإسلام لأهل الكتاب [4]. أما صابئة واسط فيبدو أنه نتيجة لتجاورهم مع أصحاب الأديان الأخرى من مسلمين و نصارى و يهود و مجوس الذين كانوا يسكنون في هذه المنطقة- كما تقدم- كانوا قد تأثروا بتعاليم هذه الأديان، مما أدى إلى وجود نقاط تشابه و اشتراك بين شعائرهم و شعائر أهل هذه الأديان [5]. غير أن سرية ديانتهم، و قلة من يعرف لغة كتبهم الدينية [6] و كتمانهم لها أدت إلى اختلاف رأي الفقهاء فيهم، فالفقيه أبو يوسف اعتبرهم من أهل الذمة و تؤخذ منهم الجزية [7]، إلا أن الخليفة القاهر باللّه
[3] ابن النديم، الفهرست، 320. ابن حوقل، صورة الأرض، 204. الشهرستاني، الملل و النّحل، 2/ 112. القفطي، تاريخ الحكماء، 311. دائرة المعارف الإسلامية، 7/ 354 (الترجمة العربية).