اسم الکتاب : نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم و يليه نفثة المصدور فيما يتجدد به حزن العاشور المؤلف : القمي، الشيخ عباس الجزء : 1 صفحة : 572
لنفسي، و هذا هو الرضا المحض كما ترى. فقال له موسى (عليه السلام): سمعتك تقول يا بار يا وصول ما هذا البر و الصلة الواصلان إليك من ربك؟ فقال: ما أجد في هذا البلد يعرفه غيري. فراح متعجبا و قال: هذا أعبد أهل الدنيا.
و مثل تعجبه ممن رضي بقضاء الفعل تعجبنا ممن رضي بقضاء الأمر المؤدي إلى تلف النفوس و ذهاب الأعضاء و مفارقة الأولاد و النساء، كزهير بن القين البجلي و مسلم بن عوسجة الأسدي أبي حجل المشهر و حبيب بن مظهر و أمثالهم (رضي الله عنهم) و أبلغهم من رحمته غاية الرضا، فإنهم رأوا بحارا من الحديد تلظى تحتها عبيد الدنيا فخاضوها رضا بالقضاء و تعرضا للرضا [1].
قلت: و كان ينبغي أن يخص بالذكر عابس بن أبي شبيب الشاكري بيض اللّه وجهه أيضا، فإنه كان من رجال الشيعة رئيسا شجاعا خطيبا ناسكا متهجدا، و كانت بنو شاكر و هم بطن من همدان من المخلصين بولاء أمير المؤمنين (عليه السلام)، و كانوا من شجعان العرب و حماتهم، و كانوا يلقبون فتيان الصباح، و كان عابس أشجع الناس و لما خرج يوم عاشوراء إلى القتال لم يتقدم إليه أحد، فمشى بالسيف مصلتا نحوهم و به ضربة على جبينه، فأخذ ينادي: أ لا رجل أ لا رجل. فنادى عمر ابن سعد: ويلكم أرضخوه بالحجارة، فرمي بالحجارة من كل جانب، فلما رأى ذلك ألقى درعه و مغفره و كأن لسان حاله:
وقت آن آمد كه من عريان شوم * * * جسم بگذارم سراسر جان شوم
آنچه غير از شورش و ديوانگى است * * * اندرين ره روى در بيگانگى است
آزمودم مرگ من در زندگى است * * * جون رهم زين زندگى بايندگى است [2]
[2] حان الوقت الذي لا بد أن أتعرّى بأن أترك الجسم و أتحول إلى روح و حقيقة مجردة. و ما هو ليس بوله و لا جنون يتنازل الإنسان عنه و لا يتعرف عليه في هذا السبيل. لقد اختبرت و رأيت بأن موتي حياة لأن هذه الحياة تبعث على الخلود.
اسم الکتاب : نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم و يليه نفثة المصدور فيما يتجدد به حزن العاشور المؤلف : القمي، الشيخ عباس الجزء : 1 صفحة : 572