اسم الکتاب : نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم و يليه نفثة المصدور فيما يتجدد به حزن العاشور المؤلف : القمي، الشيخ عباس الجزء : 1 صفحة : 229
أقول: قال اللّه تعالى في وصف كفار قريش و عتوهم في غيهم و ضلالتهم وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ* حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ[1].
و كذلك كان عسكر عمر بن سعد لعنهم اللّه فقد تكرر من مولانا الحسين (عليه السلام) و أصحابه الخطب و المواعظ لإقامة الحجة عليهم و دفع الشبهة عنهم فلم ينفعهم ذلك.
و لنعم ما قال العلامة الطباطبائي بحر العلوم «ره»:
كم قام فيهم خطيبا منذرا و تلا * * * آيا فما أغنت الآيات و النذر
بل كانوا يجلبون و يصيحون لئلا يسمعوا كلامه (عليه السلام)، فكان كما أخبر عنه الكميت بن زيد الأسدي (رحمه الله) بقوله:
و قتيل بالطف غودر فيهم * * * بين غوغاء أمة و طغام
(لحوق الحر بن يزيد بالحسين (عليه السلام))
فلما رأى الحر بن يزيد أن القوم قد صمموا على قتال الحسين (عليه السلام) و سمع صيحة الحسين يقول: أ ما مغيث يغيثنا لوجه اللّه، أ ما من ذاب يذب عن حرم رسول اللّه (صلى الله عليه و آله). قال لعمر بن سعد: أي عمر أ مقاتل أنت هذا الرجل؟ قال: أي و اللّه قتالا أيسره أن تسقط الرءوس و تطيح الأيدي. قال: أ فما لكم فيما عرضه عليكم رضى؟ قال عمر: أما لو كان الأمر إلي لفعلت و لكن أميرك قد أبى.
فأقبل الحر حتى وقف من الناس موقفا و معه رجل من قومه يقال له قرة بن قيس، فقال: يا قرة هل سقيت فرسك اليوم؟ قال: لا. قال: فما تريد أن تسقيه.
قال قرة: فظننت و اللّه أنه يريد أن يتنحى فلا يشهد القتال فكره أن أراه حين يصنع ذلك، فقلت له: لم اسقه و أنا منطلق فأسقيه. فاعتزل ذلك المكان الذي كان فيه،