فلما أصبح نزل فصلى الغداة، ثم عجل الركوب فأخذ يتياسر بأصحابه و يريد أن يفرقهم فيأتيه الحر بن يزيد فيرده و أصحابه، فجعل إذا ردهم نحو الكوفة ردا شديدا امتنعوا عليه فارتفعوا، فلم يزالوا يتسايرون (يتياسرون خ ل) كذلك حتى انتهى (انتهوا خ ل) إلى نينوى المكان الذي نزل به الحسين (عليه السلام)، فإذا راكب على نجيب له عليه السلاح متنكب قوسا مقبل من الكوفة، فوقفوا جميعا ينظرونه، فلما انتهى إليهم سلم على الحر و أصحابه و لم يسلم على الحسين (عليه السلام) و أصحابه، و دفع إلى الحر كتابا من عبيد اللّه بن زياد فإذا فيه:
«أما بعد فجعجع بالحسين حين يأتيك كتابي و يقدم عليك رسولي و لا تنزله إلا بالعراء في غير حصن (خضر خ ل) و على غير ماء، و قد أمرت رسولي أن يلزمك فلا (و لا خ ل) يفارقك حتى يأتيني بإنفاذك أمري. و السلام».
فلما قرأ الكتاب قال لهم الحر: هذا كتاب الأمير عبيد اللّه يأمرني أن أجعجع بكم في المكان الذي يأتي كتابه، و هذا رسوله و قد أمره أن لا يفارقني حتى أنفذ أمره فيكم [2].
فنظر إلى رسول ابن زياد يزيد بن زياد بن المهاصر (المهاجر خ ل) أبو الشعثاء الكندي ثم النهدي، فعن له فقال: أمالك بن النسير البدي؟ قال: نعم و كان أحد كندة. فقال له يزيد بن زياد: ثكلتك أمك ما ذا جئت فيه. قال: و ما جئت فيه أطعت امامي و وفيت ببيعتي. فقال له أبو الشعثاء: بل عصيت ربك و أطعت إمامك في هلاك نفسك و كسبت العار و النار، و بئس الإمام إمامك، قال اللّه عز و جل: وَ جَعَلْناهُمْ[3]أَئِمَّةً يَدْعُونَ إِلَى النَّارِ وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ لا يُنْصَرُونَ فإمامك منهم [4].