اسم الکتاب : نفس المهموم في مصيبة سيدنا الحسين المظلوم و يليه نفثة المصدور فيما يتجدد به حزن العاشور المؤلف : القمي، الشيخ عباس الجزء : 1 صفحة : 103
و في مناقب ابن شهرآشوب: فضربوه بالسهام و الأحجار حتى عيي و استند حائطا فقال: ما لكم ترموني بالأحجار كما ترمى الكفار و أنا من أهل بيت الأنبياء الأبرار، أ لا ترعون حق رسول اللّه (صلى الله عليه و آله) في ذريته. فقال ابن الأشعث: لا تقتل نفسك و أنت في ذمتي. قال: أ أوسر و بي طاقة، لا و اللّه لا يكون ذلك أبدا. و حمل عليه فهرب منه، فقال مسلم: اللهم إن العطش قد بلغ مني.
فحملوا عليه من كل جانب، فضربه بكير بن حمران الأحمري على شفته العليا و ضربه مسلم في جوفه فقتله، و طعن من خلفه فسقط من فرسه فأسر [1].
و قال الشيخ المفيد «ره» و الجزري و أبو الفرج: و قد أثخن مسلم بالجراح و عجز عن القتال، فانبهر و أسند ظهره إلى دار بجنب تلك الدار، فدنا منه محمد ابن الأشعث فقال: لك الأمان. فقال له مسلم: آمن أنا. قال: نعم أنت آمن. فقال القوم جميعا: نعم غير عبيد اللّه بن العباس السلمي فإنه قال: «لا ناقة لي في هذا و لا جمل» فتنحى فقال ابن عقيل: إني و اللّه لو لا أمانكم ما وضعت يدي في أيديكم.
و أتي ببغلة فحمل عليها، فاجتمعوا عليه فنزعوا سيفه من عنقه فكأنه عند ذلك آيس من نفسه و دمعت عينه و علم أن القوم قاتلوه و قال: هذا أول الغدر. فقال له محمد بن الأشعث: أرجو أن لا يكون عليك بأس. فقال: ما هو إلا الرجاء، فأين أمانكم إنّا للّه و إنا إليه راجعون. فبكى.
فقال له عبيد اللّه بن العباس السلمي: إن مثلك و من يطلب مثل الذي طلبت إذا نزل به مثل الذي نزل بك لم يبك. قال: إني و اللّه ما أبكي لنفسي و لا لها من القتل أرثي، و إن كنت لم أحب لها طرفة عين تلفا، و لكن أبكي لأهلي المقبلين إلي، أبكي للحسين و آل الحسين (عليه السلام).
ثم أقبل على محمد بن الأشعث فقال: إني و اللّه لأظنك ستعجز عن أماني [2].