responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : نظام الحكومة النبوية المؤلف : الكتاني، عبد الحي    الجزء : 1  صفحة : 174

عن العيان، و تشفي من الخبر. فإن أجبت كانت لك الدنيا و الآخرة، و إلا ذهبت عنك الآخرة، و شوركت في الدنيا، و اعلم أن لك ربا يقصم الجبابرة، و يغير النعم.

فأخذ قيصر الكتاب و وضعه على عينيه و رأسه و قبله ثم قال: أما و اللّه ما تركت كتابا إلا و قرأته، و لا عالما إلّا و سألته، فما رأيت إلا خيرا فأمهلني حتى أنظر من كان المسيح يصلي له، فإني أكره أن أجيبك اليوم، بأمر أرى غدا ما هو أحسن منه، فأرجع عنه فيضرني ذلك، و لا ينفعني، أقم حتى أنظر. فلم يلبث أن أتاه وفاة النبي (صلى الله عليه و سلم).

و في الروض أيضا: أن حاطبا لما قدم على المقوقس ملك مصر قاله له: إنه قد كان رجل قبلك يزعم أنه الرب الأعلى، فأخذه اللّه نكال الآخرة و الأولى، فانتقم به ثم انتقم منه، فاعتبر بغيرك و لا يعتبر بك غيرك، قال: هات قال: إن لك دينا لن تدعه إلا لمن هو خير منه، و هو الإسلام إليه الكافي به اللّه فقد ما سواه.

إن هذا النبي (صلى الله عليه و سلم) دعا الناس، فكان أشدّهم عليه قريش، و أعداهم له يهود، و أقربهم منه النصارى. و لعمري ما بشارة موسى بعيسى إلا، كبشارة عيسى بمحمد. و ما دعاؤنا إياك للقرآن، إلّا كدعاء أهل التوراة إلى الإنجيل. و كل نبي أدرك قوما فهم من أمته، فالحق عليهم أن يطيعوه، فأنت ممن أدرك هذا النبي، و لسنا ننهاك عن دين المسيح، و لكن نأمرك به.

و فيه أيضا أن العلاء بن الحضرمي لما قدم على المنذر بن ساوى بكتابه (عليه السلام) قال له: يا منذر، إنك عظيم في الدنيا، فلا تصغرنّ عن الآخرة، إن هذه المجوسية ليس فيها تكرم العرب، ينكحون ما يستحيا من نكاحه، و يأكلون ما يتكره عن أكله، و يعبدون في الدنيا نارا تأكلهم يوم القيامة، و لست بعديم عقل و لا رأي، هل ينبغي لمن لا يكذب أن لا تصدقه؟ و لمن لا يخون أن لا تأمنه؟ و لمن لا يخلف ألا تثق به؟ فإن كان هذا هكذا؛ فهو هذا النبي الأمي، الذي و اللّه لا يستطيع ذو عقل أن يقول: ليت ما أمر به نهى عنه، أو ما نهى عنه أمر به، أو ليته زاد في عفوه أو نقص من عقابه إنّ كلّ ذلك منه على أمنية أهل العقل، و فكر أهل البصر.

و فيه أيضا أن عمرو بن العاص لما قدم على على الجلندى قال له: يا جلندى، إنك و إن كنت منا بعيدا؛ فإنك من اللّه غير بعيد، إن الذي تفرّد بخلقك أهل أن تفرد بعبادتك، و أن لا تشرك به من لم يشركه فيك، و اعلم أنه يميتك الذي أحياك، و يعيدك الذي بدأك.

فانظر في هذا النبي الأمي الذي جاء بالدنيا و الآخرة، (فإن كان ما يريد به أجرا فامنعه، أو يميل به هوى فدعه ثم ينظر فيما يجي‌ء به يشبه ما تجي‌ء به الناس فإن كان يشبهه فسله العيان و تخيّر عليه في الخير) و إن كان لا يشبهه فاقبل ما قال، و خف ما وعد.

و فيه أيضا أن شجاع بن وهب لما قدم على جبلة بن الأيهم قال له: يا جبلة إن قومك‌

اسم الکتاب : نظام الحكومة النبوية المؤلف : الكتاني، عبد الحي    الجزء : 1  صفحة : 174
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست