وهذه هي نهاية الحضارة وسقوطها ، وهي نهاية دورة التاريخ ، وعندها يأذن الله تعالى بدورة جديدة للتاريخ ، فإنّ الأُمم إذا أفسدها المال والسلطان ، مدّ الله تعالى لها في المال والسلطان ، استدراجاً لها ، وإمعاناً في الاستدراج ، فتزداد فساداً وطغياناً ، وعند ذلك يسلبها الله تعالى ما أتاها من مال وسلطان مرّة واحدة ، وينتزع منها ما رزقها من النعمة .
ذلك أنّها توغل في الفساد ـ حالة الاستدراج ـ وينخر فيها الفساد من الداخل ، دون أن يظهر ذلك على السطح المرئي من حياتها ، فتفقد الضمير والعاطفة ، والقيم والأخلاق ، وتستولي عليها الأهواء والشهوات والنزوات ، حتى إذا نخِرت من الداخل بشكل كامل ، انهارت مرّة واحدة .
لهذا السبب فإنّ نهاية الدورة الحضارية السقوط والانهيار دائماً ، هو الموت الدُّفعي المفاجئ ، وليس الموت التدريجي ، بعكس الحال في ولادة الحضارات ونموّها ؛ فإنّها تتولّد وتنمو بصورة تدريجية .
ضحى ، وبصورةٍ مفاجئةٍ ، حيث يعيش الناس في أمان ، لا يتصورون أن يصيبهم من هذا الوباء شرٌ أو سوءٌ ، وهم في غيبهم وفي غفلتهم سادرون يلعبون ، وفجأةً يأتيهم بأس الله العزيز القهّار فلا ينجو منهم من أحد ، ولا يُمهَل أحداً أبداً.
دورة التاريخ في سورة الأعراف
والآيات التالية من سورة الأعراف توضح لنا دورة التاريخ هذه ، وسنن الله تعالى
اسم الکتاب : ميراثان في كتاب الله (العُجب) المؤلف : الآصفي، الشيخ محمد مهدي الجزء : 1 صفحة : 9