اسم الکتاب : ميراثان في كتاب الله (العُجب) المؤلف : الآصفي، الشيخ محمد مهدي الجزء : 1 صفحة : 74
وفي الخطاب الإلهي لإبليس من العناية بخلق آدم : ( لِمَا خَلَقْتُ بِيَدَيّ ) . ومن الإنكار الساخر على إبليس : ( أَسْتَكْبَرْتَ أَمْ كُنتَ مِنَ الْعَالِينَ ) ما لا يخفى على الذي يمعن النظر في هذا الخطاب .
وصياغة الآية دقيقة ومعبّرة ، فهي تبرز ( الأنا ) بشكل صارخ في جواب إبليس عن السبب الذي منعه من السجود ( ما منعك أن تسجد ؟ قال أنا ) .
وينحدر اللعين من ( الأنا ) إلى الحسد ؛ فلا يطيق أن يرى هذه الميزة لآدم (عليه السلام) من دونه فيحسده ، وهذا هو الانحدار الأوّل .
ويشقّ عليه أن يستجيب لأمر الله تعالى في السجود لآدم ، فيتمرّد على أمر الله تعالى ويمتنع عن الاستجابة له ، وهذا هو الانحدار الثاني ، وهو نهاية السقوط في حياة هذا اللعين .
وابتلاء قارون أيضاً في هذه الأنانية الطاغية : ( قَالَ إِنّمَا أُوتِيتُهُ عَلَى عِلْمٍ عِندِي ) ، [ القصص : 78 ] . فلا يرى قارون لله تعالى فضلاً عليه فيما عنده من الكنوز حتى يحاسبه عليه ، ويطلب منه الإنفاق منها ، وإنّما هي له خاصة ، تجمعت عنده على علم عنده وجهد له .
إذن ، نقطة الضعف في شخصية قارون هي ( الأنا ) ، ومن خلال هذه النقطة اندسّ الشيطان إليه ، ودعاه إلى التمرّد على الله تعالى ورسوله .
ويبرز الأنا بصورة صارخة في حياة فرعون : ( فَحَشَرَ فَنَادَى * فَقَالَ أَنَا رَبّكُمُ الأَعْلَى ) ، [ النازعات : 23 ـ 24 ] ، وهذه واحدة من أقبح حالات الاستعلاء للأنا .
وهذه الحالة من الأنانية الطاغية تؤدّي بصاحبها إلى استضعاف الآخرين واستخفافهم وإذلالهم للتمكّن منهم وفرض نفوذه وسيطرته عليهم : ( فَاسْتَخَفّ قَوْمَهُ فَأَطَاعُوهُ ) ، [ الزخرف : 54 ] .
وهذا هو الوجه الممقوت والقبيح من الأنا ، وإلى هذا الوجه تعود طائفة كبيرة من المشاكل والمتاعب ، والمصائب والابتلاءات في حياة الإنسان .
والوجه الآخر للأنا هو وجه العبودية والارتباط والانشداد بالله تعالى ، والأنا ـ في هذا الوجه الآخر ـ لا يكون محوراً لحركة الإنسان وجهده ونشاطه وحبّه
اسم الکتاب : ميراثان في كتاب الله (العُجب) المؤلف : الآصفي، الشيخ محمد مهدي الجزء : 1 صفحة : 74