responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج الرشاد لمن أراد السداد المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 39

للحجر الأسود والأركان، لم يعبدوا سوى من أمرهم بذلك.

ثم السجود والخضوع لعروض بعض الأسباب، لا ينافي الأخلاص لربّ الأرباب.

روى أبو داود والترمذي، عن عكرمة، قال: قيل لأبن عباس: ماتت (فلانة)) ـ بعض أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ـ، فخرّ ساجداً، فقيل له: تسجد في هذه الساعة؟ فقال: قال رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم): إذا رأيتم آيةً فاسجدوا، وأي آية أعظم من ذهاب أزواج النبي (صلى الله عليه وآله وسلم)[1] .

فعلى هذا لو سجد من رأى ميتاً أو، قبراً، أو شيئاً عجيباً، ذاكراً لعظمة الله ـ كما يصنعه بعض العارفين ـ لم يكن به بأس.

وعبادة الأصنام وبعض الصالحين، مع نهي الأنبياء والمرسلين الذين دلّت على صدقهم المعاجز[2] والبراهين، محض عناد وخلاف على رب العباد، ولو أنهم أخذوا عن قول الله ورسله، لم يكن عليهم إيراد.

كما أن (السيد) لو قال لعبده: تبرك بثياب (فلان)، ونعله، وترابه، ففعل، كان عابداً للمولى. وأمّا لو نهاه المولى، أو أخذ بمجرد الظن الذي لا يغني عن الحقّ شيئاً، أو الخرص[3] ، لكان عاصياً مخالفاً.

ألا ترى أنّ من جعل المرضعات أمهات، ليس كمن جعل المصاهرات، ومن حرم الوصيلة، والسائبة، والحام[4] ، ليس كمن حرم الجلالة[5] من الأنعام.

وليس تحريم الأشهر الحرام كتحريم غيرها من باقي أشهر العام، وليس صيام آخر شهر رمضان كصيام أول شوال. كل ذلك للفرق بين الأمر والأختراع، والقول بمجرد


[1] سنن أبي داود: 1/311، حديث 1197؛ وسنن الترمذي: 5/665، حديث 3891.

[2] في المطبوع: المعجزات.

[3] الخرص: الحدس، والكذب والأفتراء.

[4] من معتقدات العرب أنّ الوصيلة من الغنم (وهي الشاة) إذا ولدت أنثى فهي لهم، واذا ولدت ذكراً ـ أوقفوه لآلهتهم، فان ولدت ذكراً وأنثى قالوا وصلت أخاها، فلم يذبحوا الذكر لآلهتهم.

أمّا السائبة فقد كان الرجل إذا نذر القدوم من سفر، أو الشفاء من علّة، فانّ ناقته ستكون سائبة (أي لا تستخدم للانتفاع بها، ولا تخلّى عن ماء، أو تمنع عن مرعى).

والحام هو الذكر من الأبل اذا اانتجت من صلب الفحل عشرة أبطن قال العرب قد حمى ظهره، فلا يحمل عليه.

وقد حرّم القرآن هذه المعتقدات كما ورد في سورة المائدة، آية (103) قوله تعالى: (ما جعل الله من بحيرة ولا سائبة، ولا وصيلة، ولا حام، ولكن الذين كفروا يفترون على الله الكذب، وأكثرهم لا يعقلون) .

والبحيرة هي الشاة التي تبحر أذنها (أي تشق) علامة على تحريم الانتفاع بها.

[5] الحيوان الجلال: هو الذي يأكل العذرة، وقد ورد النهي عن أكل لحمه، وشرب لبنه.

اسم الکتاب : منهج الرشاد لمن أراد السداد المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 39
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست