responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : منهج الرشاد لمن أراد السداد المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 24

ولعل هذا مبني على أن التواضع تختلف أقسامه باختلاف الأزمان، وكيف كان فالذي يظهر بعد التأمل التام إختلاف الأقوال والأفعال باختلاف المقاصد. ومن ذلك إختلاف أحوال الزهّاد، فبعض ترك المآكل والملابس الحسان، واقتصر على الجشب والخشن، وبعضهم يأكل من أطيب المأكول، ويلبس من أنعم الملبوس. وباعتبار اختلاف النيات دخل (العملان) في قسم العبادات.

ثم إنّ الأفعال المختلفة بعضها لا ينسب الى غير الله، كأيجاد الكائنات، وصنع المصنوعات. وبعضها لا ينسب الى الله، كأفعال القبائح والمنفّرات، وبعضها تختلف معانيها ومقاصدها، فتنسب الى الخالق مرة، والمخلوق أخرى. وهذا الحكم متمشٍ على قول من لم يثبت فاعلاً سوى الله، وعلى قول من أثبت.

والمعيار أنه متى قام إحتمال إرادة وجه صحيح بني عليه، لقوله (صلى الله عليه وآله وسلم): ((إدرؤا الحدود بالشبهات))، ((ولا تقل في الناس إلاّ خيراً)). وما دلّ على النهي عن سوء الظن، فكيف بالشك.

وعن عائشة عن النبي (صلى الله عليه وآله وسلم): إدرؤا الحدود عن المسلمين ما استطعتم[1] .

فالناس إذن في صدور أمثال هذه الأمور عنهم على أنحاء:

بين علماء عاملين، مقاصدهم صحيحة، فلا يتعمدون بالأقوال والأفعال، إلا الوجوه السليمة من القيل والقال.

وبين أعوام جهال بنوا على ما بنى عليه علماؤهم على الإجمال، وليس لهم قابلية التفتيش على حقيقة الحال، فهم أيضاً معذورون عند ربّ العزة والجلال.

وبين من بنوا على طريق الضلال، وعليهم المؤاخذة بضروب النكال.

والتحقيق أنّ تبدل الأحكام بتبدل الموضوعات، ليس من باب التشريع والإبداع، مثلاً يستحل للنساء التزين لرجالهن، فمنذ كان لبس السواد زينة إستحب، فإذا انعكس وصار الميل إلى الأحمر والأصفر إنعكس الخطاب. وألوان اللباس تختلف باختلاف الناس، ففي كل بلاد يستحب لون ونوع، فإنه قد يكون في مكان لباس شهرة، وفي آخر بعكسه، وفي موضع من لباس النساء، وفي موضع بعكسه.

وكذا كانت رغبة الناس في طيب الكافور، فكرهه اليوم.


[1] المستدرك للحاكم: 1/384.

اسم الکتاب : منهج الرشاد لمن أراد السداد المؤلف : كاشف الغطاء، الشيخ جعفر    الجزء : 1  صفحة : 24
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست