فالنجاسة تختصّ حينئذ بموضع الملاقاة فقط، و لا تسري إلى غيره سواء كان جاريا من الأعلى إلى الأسفل كالماء المنصبّ من الميزاب على النجس في الأرض فإنّ النجاسة تسري إلى محلّ الملاقاة فقط، و لا تسري إلى الماء الأعلى، فيبقى على طهارته، و مثل ذلك ما إذا صبّ ماء من إبريق على نجس في مكان أسفل فلا تسري النجاسة منه إلّا إلى موضع الملاقاة فحسب، و إمّا الماء الأعلى و ما في الإبريق فيبقى على طهارته، أم كان متدافعا من الأسفل إلى الأعلى كالماء الخارج من الفوّارة يفور صاعدا كالعمود و يلاقي النجاسة في العلوّ، فإنّه يتنجّس الطرف الأعلى من الماء القليل الملاقي، و لا تسري النجاسة إلى العمود و ما دونه، و كذا إذا كان متدافعا من أحد الجانبين إلى الآخر.
و هل يتنجّس الماء القليل بملاقاة المتنجّس الخالي عن عين النجس أو لا؟
و الجواب لا يبعد عدم تنجّسه، و بقائه على الطهارة، و إن كان الأحوط و الأجدر الاجتناب عنه، و أمّا الكثير الّذي يبلغ الكرّ فلا ينفعل بملاقاة النجس، فضلا عن المتنجّس، إلّا إذا تغيّر بلون النجاسة، أو طعمها، أو ريحها فإذا تغيّر حكم بنجاسته.
(مسألة 35): إذا وقعت كميّة من عين النجس في الماء الكثير، و لم يتغيّر طعمه و لا لونه و لا رائحته،
فلذلك صور:
الاولى: أنّ عدم تغيّر الماء مستند إلى سبب في عين النجاسة، كما إذا كانت فاقدة لكلّ الخصائص و الأوصاف من الطعم و الرائحة و اللون.
الثانية: أنّ عدم تغيّره مستند إلى سبب في الماء، كما إذا كان أحمر اللون بسبب وقوع كميّة من الصبغ فيه.
الثالثة: أنّ عدم تغيّره مستند إلى سبب خارجيّ، كبرودة الجوّ أو غيرها.