و جوابه أنّ في الغذاء و لا سيّما اللّطيف منه خاصيته تسارع الطبيعية إلى جذبها عند الاحتياج فتصرفها فيما يجب انصرافها إليه ذٰلِكَ تَقْدِيرُ الْعَزِيزِ الْعَلِيمِ*[1] و لذلك ترى: أنّ من أشرف من الجوع على الموت يحصل له من مجرّد ورود الغذاء إلى المعدة انتعاش و قوّة في الأعضاء من دون تخلّل زمان ينهضم فيه جوهر ذلك الغذاء.
و لهذا ترى أنّ دائم القيء قد يعيش سنين متطاولة، و لو أمسك عن ذلك الغذاء الذي لا يلبث [2] أن يتقيّأ فلم يتناوله لعاجله حتفه، و لم تكد حياته تستمرّ أكثر من ثلاثة أيّام أو أربع، هذا كلّه فيما إذا وقع الرضاع على الخوي، و أمّا إذا وقع على الريّ ففي النشر مع القيء تردّد، من تحقّق النّصاب، و عدم العلم بالنشؤ [3]، و لعلّ الأقرب النشر، لأنّ الأصل في المدّة و العدّة النشؤ حتّى يثبت خلافه.
ثمّ إنّي رأيت المحقّق الثاني بعد أن ذكر اشتراط أن يصل اللّبن إلى المعدة يقول: «و يشترط بقاؤه فيها، فلو تقيّأه في الحال لم يعتدّ به، و هو مقرّب التذكرة لعدم صلاحيته لاغتذائه و انتفاء إنبات اللحم و شدّ العظم عنه» [4] انتهى.
السابعة: اجتماع الثلاثة و ذلك فيما لو شرع في العدد المتوالي في أوّل المدّة و أتمّه في آخرها أو قبله بزمان لا يحتاج فيه قبل انتهائها إلى رضاع آخر و اللّه أعلم.
[توالي الرضعات و عدم الفصل بينها برضاع آخر]
و ليس في الأوّل قطّ من ولاء * * * و لا الأخير مطلقا أن يفصلا
و الفضل في الثاني برضعة خطر * * * لكنّه بالأكل و الشرب اغتفر
لا كلام في أنّ فصل العدد بالأكل و الشرب و لو بالوجور من لبن غير المرضعة لا يمنع