responsiveMenu
صيغة PDF شهادة الفهرست
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
اسم الکتاب : مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام المؤلف : ابن مردويه الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 183

الدجى، و داعيا إلى المحجة العظمى، و مستمسكا بالعروة الوثقى، و ساميا إلى الغاية القصوى، و عالما بما في الصحف الاولى، و عاملا بطاعة الملك الأعلى، و عارفا بالتأويل و الذكرى، و متعلّقا بأسباب الهدى، و حائدا عن طرقات الردى، و ساميا إلى المجد و العلى، و قائما بالدين و التقوى، و سيّد من تقمّص و ارتدى بعد النبيّ المصطفى، و أفضل من صام و صلّى، و أفضل من ضحك و بكى، و صاحب القبلتين، فهل يساويه مخلوق يكون أو كان، كان و اللّه، للأسد قاتلا، و لهم في الحرب حائلا، على مبغضيه لعنة اللّه و لعنة العباد إلى يوم التناد. [1]

246. ابن مردويه، عن ضرار نحو حديث ابن عباس في مدح عليّ بن أبي طالب، أو أبلغ من ذلك. [2]


[1] الطرائف، ص 507.

[2] نفس المصدر، ص 508.

روى حديث ضرار عدد غفير من أئمة الحديث و الأدب، منهم: أبو عليّ القالي في أماليه (ج 2، ص 143)، و ابن عبد البر في الإستيعاب المطبوع بهامش الإصابة (ج 3، ص 44)، و الزمخشري في ربيع الأبرار (ج 1، ص 835)، و أبو نعيم في حلية الأولياء (ج 1، ص 84)، و اللفظ له، قال: دخل ضرار بن ضمرة الكناني على معاوية، فقال له: صف لي عليّا. فقال: أو تعفيني يا أمير المؤمنين، قال: لا أعفيك. قال: أما إذا لا بد فإنّه كان و اللّه، بعيد المدى، شديد القوى، يقول فصلا، و يحكم عدلا، يتفجر العلم من جوانبه، و تنطق الحكمة من نواحيه، يستوحش من الدنيا و زهرتها، و يستأنس بالليل و ظلمته، كان و اللّه، غزير العبرة، طويل الفكرة، يقلّب كفّه، و يخاطب نفسه، يعجبه من اللباس ما قصر، و من الطعام ما جشب، كان و اللّه كأحدنا، يدنينا إذا أتيناه، و يجيبنا إذا سألناه، و كان مع تقرّبه إلينا و قربه منّا لا نكلمه هيبة له، فإن تبسم فعن مثل اللؤلؤ المنظوم، يعظّم أهل الدين و يحب المساكين، لا يطمع القوي في باطله، و لا ييأس الضعيف من عدله، فأشهد باللّه لقد رأيته في بعض مواقفه و قد أرخى الليل سدوله، و غارت نجومه، يميل في محرابه قابضا على لحيته، يتململ تململ السليم، و يبكي بكاء الحزين، فكأني أسمعه الآن و هو يقول: يا ربّنا يا ربّنا- يتضرع إليه- ثمّ يقول للدنيا: إليّ تغرّرت، إليّ تشوّفت، هيهات هيهات، غرّي غيري، قد بتتك ثلاثا، فعمرك قصير، و مجلسك حقير، و خطرك يسير، آه آه من قلّة الزاد، و بعد السفر، و وحشة الطريق.

فوكفت دموع معاوية على لحيته ما يملكها، و جعل ينشّفها بكمّه، و قد اختنق القوم بالبكاء. فقال: كذا كان أبو حسن (رحمه الله)! كيف وجدك عليه يا ضرار؟ قال: وجد من ذبح واحدها في حجرها، لا ترقأ دمعتها، و لا يسكن حزنها. ثمّ قام فخرج.

اسم الکتاب : مناقب علی بن ابیطالب علیه السلام المؤلف : ابن مردويه الأصفهاني    الجزء : 1  صفحة : 183
   ««الصفحة الأولى    «الصفحة السابقة
   الجزء :
الصفحة التالیة»    الصفحة الأخيرة»»   
   ««اول    «قبلی
   الجزء :
بعدی»    آخر»»   
صيغة PDF شهادة الفهرست