اسم الکتاب : مصابيح الأحكام المؤلف : السيد بحر العلوم الجزء : 1 صفحة : 21
فهذه اثنا عشر شرطاً هي شرائط الاجتهاد، و اشتراطه بها أمر ظاهر جليّ، فإنّ الحاجة إليها في تحصيل مسائل الفقه ضروريّ مستغن عن البيان.
و ربما تعلّقت موضوعات المسائل بالطبّ، و الهيئة، و الحساب، و غيرها من العلوم، و هي محسّنات و ليست من المبادئ، إجماعاً؛ إذ لا تعلّق لها بنفس الأحكام، فيجوز الرجوع فيها إلى العارف، كما في قيم المُتلفات و أُروش [1] الجنايات.
و متى اجتمعت الشرائط المعتبرة في أحد، صحّ اجتهاده، و جاز تقليده ما دام حيّاً.
و لا يجوز تقليد من لم يستجمع الشرائط، و لا تقليد المستجمع بعد موته.
و من الناس من استثقل عبء [2] الاجتهاد و استنكف عن المتابعة و الانقياد، فرفض المبادئ و الأسباب، و حاول التفقّه من غير اكتساب. و هؤلاء متفقّهون في الدعوى، مقلّدون في المعنى، و هم أضرّ شيء في البلاد على ضعفاء العباد.
و آخرون التجئوا إلى آراء الماضين و أقوال الميّتين، و لم يأتوا في هذا بشيء مبين، مع أنّ الحجّة على المثبتين، و لا سبيل على النافين. و كفى لنفي الاعتماد على أقوال الأموات انتفاء ما يصلح مستنداً للإثبات:
فإنّ العمومات موردها الأحياء؛ لورودها في القضاء [3].
و الاستصحاب مشروط ببقاء الموضوع بالإجماع، و هو مفقود في موضع النزاع.
و التسوية بين الحيّ و الميّت بجامع الاستنباط قياس منهدم الأساس، «وَ ما يَسْتَوِي الْأَحْياءُ وَ لَا الْأَمْوٰاتُ» [4].
[1]. أَرْشُ الجراحة: دِيَتُها، و الجمعُ: أُرُوش. المصباح المنير: 12، «أرش». و في «ن»: بدل «أروش»: «أرش».
[2]. العِبْءُ: مثل الثقْل، وزناً و معنى. المصباح المنير: 391، ذيل «العَبَاءَة».
[3]. راجع: وسائل الشيعة 27: 136، كتاب القضاء، أبواب صفات القاضي، الباب 11.