اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 352
و أشرب في الأرواح راح الولا * * * من قبل أن يخلق كرم الجسد
فها أنا بشنان من حبّها * * * في السكر العشاق حتى الأبد
فشهرت ذيل العزلة، و أخرت يدي من حب الوحدة، و أنست بالحق و ذاك أحق، إذ لا خير في معرفة الخلق، أقتدي بقول سيّد النبيّين و شفيع يوم الدين: الخير كلّه في العزلة، و الخير و السلامة في الوحدة، و البركة في ترك الناس، خصوصا أهل هذا الزمان جواسيس العيوب، اللابسين أثواب الحسد منهم على كل حسن، الصديق الحميم و السليم الود منهم كالسليم و الخل الموحد، و خل الود ودّ لمعاصم الغيبة و أذامم الريبة [1]، يسرون الحسنات و يظهرون السيئات، و يحبّون أن تشيع الفاحشة، فثق باللّه و ذرهم و اتخذ إليه سبيلا، وَ اصْبِرْ عَلى ما يَقُولُونَ وَ اهْجُرْهُمْ هَجْراً جَمِيلًا[2].
و تأسيت بقول الرسول (صلّى اللّه عليه و آله): إنّ اللّه أخذ ميثاق المؤمن أن لا يصدق في قوله، و لا ينتصف من عدوّه، و لا يشفى من غلبة، و من آذى مؤمنا لم يدخل حضرة القدس.
و المؤمن هو العارف بعلي. و إليه الإشارة بقوله: أعرفكم باللّه سلمان [3].
و كان سلمان أعرف الناس بعلي، فمن كانت معرفته بعلي أكثر كان للّه أعرف و إليه أقرب.
فليس الإيمان إلّا معرفة علي و حبّه، لأن من عرف عليا عرف اللّه.
و إليه الإشارة بقوله: يعرفك بها من عرفك [4]، فمن آذى مؤمنا حسدا على ما آتاه اللّه فحسبه قول مولاه: أَمْ يَحْسُدُونَ النَّاسَ عَلى ما آتاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ[5].
و دخلت بركة دعائهم في جملة المرحومين، و صرت من شيعتهم الموحدين، بقولهم:
رحم اللّه شيعتنا إنهم أوذوا فينا و لم نؤذ فيهم، أوذيت حسدا على ما في فضلهم، أوتيت طربا بما أوليت: