اسم الکتاب : مشارق أنوار اليقين في أسرار أمير المؤمنين(ع) المؤلف : حافظ رجب البرسي الجزء : 1 صفحة : 232
فصل
و بيان هذا البرهان أنه تعالى أمر نبيّه يوم الدار أن يجمع بني عبد المطّلب و يدعوهم إلى اللّه، فمن سبق منهم إلى تصديقه و أجاب دعوته و صدق رسالته، و رأى نصرته، كان له بذلك أربعة عهد من اللّه و رسوله، و يكون أخاه و صهره، و الحاكم بعده فما أجاب دعوته غير علي فبايعه و نصره و فداه، و وفى بعهد اللّه فخاض في رضاه الحتوف، و قتل في طاعته الألوف، و كشف عن دينه الكربات، و كسر الرايات، و أخرج الناس من الظلمات، و لما قبض رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) تواثبت الضباع على الأسد المناع، و الولي المطاع، فعوت على الهزبر الكلاب، و صار ملك أبي تراب، الذي صفي سبحانه بحد الحساب، و القرضاب، إلى ... الذي لم يحمر له حسام يوم الضراب، و لا مرّ في ملمة [1] إلّا انقلب و خاب، و لم يدع إلى كريهة فأجاب.
فوجب في عدل الكريم الوهّاب، من باب أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ أن يوليه يوم القيامة عوضا عن حقّه الممنوع في الدنيا حكم يوم الحساب، و إليه الإشارة بقوله: وَ يُؤْتِ كُلَّ ذِي فَضْلٍ فَضْلَهُ[2] لأن المواهب الربانية و التحف الإلهية، إما أن تكون استحقاقا أو تفضّلا، و كلاهما حاصلان لأمير المؤمنين (عليه السلام)، أما الاستحقاق فإنّ اللّه أوجد فيه من الأسرار الإلهية، و القوى الربّانية، و الخواص الملكية ما لم يوجد في غيره من البشر، حتى تاه ذو اللب في معناه و كفر، و إليه الإشارة بقوله (صلّى اللّه عليه و آله): «خلقت أنا و علي من جنب اللّه و لم يخلق منه غيرنا» [3]، و جنب اللّه معناه علم اللّه، و حق الله له كإحياء الأموات و الإخبار بالمغيبات، و تكلم أذياب الفلوات، و إغاضة ماء الفرات، و رجوع الشمس له بعد الغياب، و إظهار و إيراد المعجبات، و أما التفضّل فإنّ اللّه يختص برحمته من يشاء، ففوّض اللّه إليه أمر العباد و جعله